ظاهرة الهجرة والإغتراب عن الأوطان أزلية صاحبت وجود الإنسان على الأرض إذ
يعتبر أبو البشر آدم عليه السلام أول مغترب حيث انتقل من موطنه الأصلي الذي
خلق فيه وهو الجنة إلي وطن جديد وهو الأرض ليعمرها ويعيش فيها إلى حين ثم
يعود بعدها إلى الأصل والمقر النهائي . وهكذا نجد تفسير منطقي لظاهرة
الاغتراب في علم الاهوت وفي الفكر الديني والفلسفة فعند اليهود يعتبر أول
مغترب هو النبي إبراهيم عليه السلام الذي هاجر من الشام إلى الحجاز حيث مكة
وترك فيها أهله وإبنه كذلك ينظر افلاطون للإغتراب وفقا لمنظور جمهوريته
وتكوين الدولة التي أساسها يبتدئ من رجل وإمرأة حيث تتكون الأسرة وبعدة أسر
تتكون القرية وبعدة قرى تتكون الدولة وبذلك فإن أي فرد يخرج عن إحدى هذه
التشكيلات الاجتماعية يعتبر مغترب وبهذا يمكن تصنيف الإغتراب إلى نوعين :
إغتراب داخلي وإغتراب خارجي . أما في الفكر الديني فهناك إغتراب في داخل
نفس الإنسان ذاتها حيث تعتبر هذه الحياة ماهي إلا رحلة إغتراب طويلة أساسها
التكوين البشري الذي نشأ من الجسد والروح والجسد موطنه الأصلي هو الأرض
(التراب) والروح من أمر ربي أي هي من الله تعالى قال تعالى : (فإذا سويته
ونفخت فيه من روحي) الآية72 من سورة ص . وكل من الجسد والروح في حالة
إنفصال عن منشأه الأصلي أي في حالة إغتراب مشكلين اتحاد مؤقت يمثل حياة
الإنسان وحالة إغتراب عظمى ولذلك يقولون أن الروح عندما تسمو وتقترب من
مصدرها وهو الله تعالى يكون الإنسان في حالة سمو روحي وهي حالة تجعله قريب
من الله عز وجل أما إذا قعدت الروح في الأرض (الجسد) فإن الإنسان يكون
غافلا بعيدا عن الله فهو إذا في حالة إغتراب كبرى أي الإغتراب العقدي الذي
يبعد الإنسان عن الله تعالى وهو خالقه ومنشأه ومرده . وعند بعض السلف من
المسلمين كثير من العبارات التي تدل على أنهم يعتبرون هذه الحياة غربة
وأيضا عند المسيحيين حيث ورد في أحد أسفارهم أن فرعون سأل موسى عليه السلام
: كم هي سني حياتك فرد عليه موسى قائلا (سني إغترابي 135 سنة) هذا ما يدل
عندهم على أن الحياة بالنسبة لموسى عليه السلام ما هي إلا رحلة إغتراب
سيعود بعدها إلى المنشأ والأصل .
وعندما تنتهي حياة الإنسان ينفصل التلاحم والاتحاد بين الروح والجسد ويذهب
كل منهما إلى مقره الأصلي فتصعد الروح إلى بارئها ويعود الجسد للأرض قال
تعالى (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى) الآية 55 من
سورة طه عندئذ تكون انتهت حالة الاغتراب ورحلة الحياة , إذا فالحياة
اغتراب والإغتراب حياة وإذا تأملنا في هذه الظاهرة بكل أبعادها ومعانيها
وتاريخها نجد أن لها أسباب وأهداف فمن أسباب الإغتراب عدم طيب العيش
والمقام في الموطن الأصلي إما لدوافع سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية وفي
عالمنا المعاصر تزداد كل هذه الأسباب يوما بعد يوم فما أكثر الخلافات بين
البشر والحروب بين الدول والكوارث الطبيعية والمصطنعة . أما أهداف الإغتراب
ينبغي أن نعلم أنها كلها سامية ونبيلة أبتداءا من رحلة أبونا آدم التي كان
هدفها إعمار الأرض والاستخلاف فيها . وكذا حياة كل إنسان وتأملوا إغتراب
أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام وابنه اسماعيل فهدفه كان بناء البيت
وتشييد أكبر شعيرة من شعائر الدين وإعمار هذا البلد الأمين . حتى إغتراب
الروح والجسد فإن هدفهما هو الحياة وبناء هذا الصرح العظيم الذي كرمه الله
وهو الإنسان فما أسماه من هدف . لذلك على كل مغترب أن يأخذ العبر من هذه
المفاهيم ويجعل أهداف اغترابه كلها سامية وجليلة ونبيلة فهي حالة مؤقتة بكل
معانيها ومواطنها وفرصة مواتية لا ينبغي أن نغفل عنها ونتركها تروح هدرا
وتذهب سدى فاغتنم يومك قبل غدك أيها المغترب (الإنسان) .
سنواصل عبر هذه الاستراحة إن شاء الله لنتأمل الكثير من معاني وعبر وأهداف
الإغتراب لنجعل منه ظاهرة مفيدة
وواقع مثمرفإلى عوده اخرا ......
يعتبر أبو البشر آدم عليه السلام أول مغترب حيث انتقل من موطنه الأصلي الذي
خلق فيه وهو الجنة إلي وطن جديد وهو الأرض ليعمرها ويعيش فيها إلى حين ثم
يعود بعدها إلى الأصل والمقر النهائي . وهكذا نجد تفسير منطقي لظاهرة
الاغتراب في علم الاهوت وفي الفكر الديني والفلسفة فعند اليهود يعتبر أول
مغترب هو النبي إبراهيم عليه السلام الذي هاجر من الشام إلى الحجاز حيث مكة
وترك فيها أهله وإبنه كذلك ينظر افلاطون للإغتراب وفقا لمنظور جمهوريته
وتكوين الدولة التي أساسها يبتدئ من رجل وإمرأة حيث تتكون الأسرة وبعدة أسر
تتكون القرية وبعدة قرى تتكون الدولة وبذلك فإن أي فرد يخرج عن إحدى هذه
التشكيلات الاجتماعية يعتبر مغترب وبهذا يمكن تصنيف الإغتراب إلى نوعين :
إغتراب داخلي وإغتراب خارجي . أما في الفكر الديني فهناك إغتراب في داخل
نفس الإنسان ذاتها حيث تعتبر هذه الحياة ماهي إلا رحلة إغتراب طويلة أساسها
التكوين البشري الذي نشأ من الجسد والروح والجسد موطنه الأصلي هو الأرض
(التراب) والروح من أمر ربي أي هي من الله تعالى قال تعالى : (فإذا سويته
ونفخت فيه من روحي) الآية72 من سورة ص . وكل من الجسد والروح في حالة
إنفصال عن منشأه الأصلي أي في حالة إغتراب مشكلين اتحاد مؤقت يمثل حياة
الإنسان وحالة إغتراب عظمى ولذلك يقولون أن الروح عندما تسمو وتقترب من
مصدرها وهو الله تعالى يكون الإنسان في حالة سمو روحي وهي حالة تجعله قريب
من الله عز وجل أما إذا قعدت الروح في الأرض (الجسد) فإن الإنسان يكون
غافلا بعيدا عن الله فهو إذا في حالة إغتراب كبرى أي الإغتراب العقدي الذي
يبعد الإنسان عن الله تعالى وهو خالقه ومنشأه ومرده . وعند بعض السلف من
المسلمين كثير من العبارات التي تدل على أنهم يعتبرون هذه الحياة غربة
وأيضا عند المسيحيين حيث ورد في أحد أسفارهم أن فرعون سأل موسى عليه السلام
: كم هي سني حياتك فرد عليه موسى قائلا (سني إغترابي 135 سنة) هذا ما يدل
عندهم على أن الحياة بالنسبة لموسى عليه السلام ما هي إلا رحلة إغتراب
سيعود بعدها إلى المنشأ والأصل .
وعندما تنتهي حياة الإنسان ينفصل التلاحم والاتحاد بين الروح والجسد ويذهب
كل منهما إلى مقره الأصلي فتصعد الروح إلى بارئها ويعود الجسد للأرض قال
تعالى (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى) الآية 55 من
سورة طه عندئذ تكون انتهت حالة الاغتراب ورحلة الحياة , إذا فالحياة
اغتراب والإغتراب حياة وإذا تأملنا في هذه الظاهرة بكل أبعادها ومعانيها
وتاريخها نجد أن لها أسباب وأهداف فمن أسباب الإغتراب عدم طيب العيش
والمقام في الموطن الأصلي إما لدوافع سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية وفي
عالمنا المعاصر تزداد كل هذه الأسباب يوما بعد يوم فما أكثر الخلافات بين
البشر والحروب بين الدول والكوارث الطبيعية والمصطنعة . أما أهداف الإغتراب
ينبغي أن نعلم أنها كلها سامية ونبيلة أبتداءا من رحلة أبونا آدم التي كان
هدفها إعمار الأرض والاستخلاف فيها . وكذا حياة كل إنسان وتأملوا إغتراب
أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام وابنه اسماعيل فهدفه كان بناء البيت
وتشييد أكبر شعيرة من شعائر الدين وإعمار هذا البلد الأمين . حتى إغتراب
الروح والجسد فإن هدفهما هو الحياة وبناء هذا الصرح العظيم الذي كرمه الله
وهو الإنسان فما أسماه من هدف . لذلك على كل مغترب أن يأخذ العبر من هذه
المفاهيم ويجعل أهداف اغترابه كلها سامية وجليلة ونبيلة فهي حالة مؤقتة بكل
معانيها ومواطنها وفرصة مواتية لا ينبغي أن نغفل عنها ونتركها تروح هدرا
وتذهب سدى فاغتنم يومك قبل غدك أيها المغترب (الإنسان) .
سنواصل عبر هذه الاستراحة إن شاء الله لنتأمل الكثير من معاني وعبر وأهداف
الإغتراب لنجعل منه ظاهرة مفيدة
وواقع مثمرفإلى عوده اخرا ......