- وقال الشيخ ابن باديس -رحمه الله-
دفاعًا عن أتباع الشيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب
وبيانًا لعقيدتهم السلفيَّة: «قام الشيخ محمَّد بن
عبد الوهَّاب بدعوةٍ دينيَّةٍ، فتبعه عليها قومٌ
فلُقِّبوا ﺑ«الوهَّابيِّين»،
لم يدعُ إلى مذهبٍ مستقلٍّ في الفقه؛ فإنَّ أتباعه النجديِّين
كانوا قبله ولا زالوا إلى الآن بعده حنبليِّين؛ يدرسون الفقه
في كتب الحنابلة، ولم يدعُ إلى مذهبٍ مستقلٍّ في
العقائد؛ فإنَّ أتباعه كانوا قبله ولا زالوا إلى الآن
سنِّيِّين سلفيِّين؛ أهل
إثباتٍ وتنزيهٍ، يؤمنون بالقدر ويثبتون الكسب
والاختيار، ويصدِّقون بالرؤية، ويُثبتون الشفاعة،
ويترضَّوْن عن جميع السلف، ولا يُكفِّرون بالكبيرة،
ويُثبتون الكرامة، وإنما كانت غاية دعوة ابن عبد الوهَّاب
تطهير الدين من كلِّ ما أحدث فيه المحدثون من البدع،
في الأقوال والأعمال والعقائد، والرجوع بالمسلمين
إلى الصراط السويِّ من دينهم القويم بعد انحرافهم
الكثير وزيغهم المبين، لم تكن هاته الغاية التي رمى
إليها بالقريبة المنال ولا السهلة السبل، فإنَّ
البدعَ والخرافاتِ باضَتْ وفرَّختْ في العقول، وانتشرت في سائر
الطوائف وجميع الطبقات على تعاقُب الأجيال في العصور الطوال؛
يَشِبُّ عليها الصغير، ويشيب عليها الكبير، أقام لها
إبليس من جنده من الجنِّ والإنس أعوانًا وأنصارًا،
وحرَّاسًا كبارًا من زنادقةٍ منافقين، ومعمَّمين
جامدين محرِّفين، ومتصوِّفةٍ جاهلين،
وخطباءَ وضَّاعين، فما كانت -وهذا الرسوخُ رسوخُها،
وهذه المَنَعَةُ مَنَعَتُها- لتقوى على فعلها طائفةٌ
واحدةٌ ﻛ«الوهابيِّين» في
مدَّةٍ قليلةٍ، ولو أعدَّت ما شاءت من العُدَّة، وارتكبت ما
استطاعت من الشدَّة ... إنَّ الغاية التي رمى إليها
ابن عبد الوهَّاب، وسعى إليها أتباعه، هي التي لا زال يسعى إليها الأئمَّة المجدِّدون والعلماء المصلحون في جميع الأزمان»(٥٣).
وقال
أيضًا -رحمه الله- في مقام الدفاع والإنصاف لدعوة
الشيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب: «وصار من يُريد
معرفتهم لا يجد لها موردًا إلاَّ كُتُبَ خصومهم الذين
ما كَتَبَ أكثرُهم إلاَّ تحت تأثير السياسة التركيَّة
التي كانت تخشى من نجاحِ الوهَّابيِّين
نهضةَ العرب كافَّةً، وأقلُّهم مَن كَتَبَ عن حُسْنِ
قصدٍ من غير استقلالٍ في الفهم ولا تثبُّتٍ في
النقل، فلم تسلمْ كتابته في الغالب من الخطأ والتحريف،
وأنَّى تُعرف الحقائق من مثل هاته الكتب أو تلك، أم كيف تُؤخذ حقيقة قومٍ من كتب خصومهم، ولا سيَّما إذا كانوا مثل الصنفين المذكورين»(٥٤).
وقد
نشر الشيخ -رحمه الله- في [العدد 40 و41] من مجلَّته
«الشهاب» حوارًا مع رئيس القضاة في مكَّة: الشيخ عبد
الله بن بلهيد -رحمه الله- نقلاً عن جريدة «السياسة»
الأسبوعيَّة، وممَّا جاء فيه قول رئيس القضاة: «أهل
نجدٍ هم جميعهم على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، فهُمْ سلفيَّة العقيدة (نسبةً إلى السلف) حنابلة المذهب، أمَّا تسميتهم بالوهَّابيِّين وتسمية مذهبهم بالوهَّابية
فليست من عملهم، وإنما هي من عمل خصومهم الذين
أرادوا تنفير الناس منهم بإيهامهم الناسَ أنَّ هذا مذهبٌ
جديدٌ يخالف المذاهب الأربعة»(٥٥).
وقال
-رحمه الله- وهو يردُّ على أسلاف صاحب المقال،
ويؤكِّد أنَّ دعوة الحقِّ دعوةٌ واحدةٌ رغم كيد
الظالمين وجهل المتحاملين: «ثمَّ يرمي الجمعية بأنها
تنشر المذهب الوهَّابي،
أفتُعَدُّ الدعوة إلى الكتاب والسنَّة وما كان عليه سلف
الأمَّة، وطرحُ البدع والضلالات، واجتنابُ المُرْدِيَاتِ
والمهلكات؛ نشرًا للوهَّابية؟!!
أم نشْرُ العلم والتهذيب وحريَّة الضمير وإجلال العقل
واستعمال الفكر واستخدام الجوارح نشرٌ للوهَّابية؟!! إذًا فالعالَم المتمدِّن كلُّه وهَّابيٌّ! فأئمَّة الإسلام كلُّهم وهَّابيُّون!
ما ضرَّنا إذا دعَوْنا إلى ما دعا إليه جميع أئمَّة
الإسلام وقام عليه نظام التمدُّن في الأمم إن سمَّانا
الجاهلون المتحاملون بما يشاءون، فنحن -إن شاء الله-
فوق ما يظنُّون، والله وراء ما يكيد الظالمون»(٥٦).
ونشر
الشيخ -رحمه الله- في «الشهاب» خطبةً نقلها عن
«جريدة أمِّ القرى» كان قد ألقاها الملك ابن سعودٍ في
قصره بمكَّة على خمسمائة رجلٍ من أعيان الحجيج،
وممَّا جاء في هذه الخطبة: «يسمُّوننا بالوهَّابيِّين، ويسمُّون مذهبنا بالوهَّابيِّ باعتبار أنَّه مذهبٌ خاصٌّ، وهذا خطأٌ فاحشٌ نشأ عن الدعايات الكاذبة التي يبثُّها أهل الأغراض، نحن لسنا أصحاب مذهبٍ جديدٍ وعقيدةٍ جديدةٍ، ولم يأتِ محمَّد بن عبد الوهَّاب بالجديد، فعقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح، التي جاءت في كتاب الله وسنَّة رسوله، وما كان عليه السلف الصالح،
ونحن نحترم الأئمَّة الأربعة، ولا فرْقَ عندنا بين
مالكٍ والشافعيِّ وأحمد وأبي حنيفة، وكلُّهم محترَمون
في نظرنا، هذه هي العقيدة التي قام شيخ الإسلام محمَّد بن عبد الوهَّاب يدعو إليها، وهذه هي عقيدتنا، وهي مبنيَّةٌ على توحيد الله -عزَّ وجلَّ-، خالصةٌ من كلِّ شائبةٍ، منزَّهةٌ عن كلِّ بدعةٍ، فعقيدة التوحيد -هذه- هي التي ندعو إليها، وهي التي تُنجينا ممَّا نحن فيه من إِحَنٍ وأوصابٍ»(٥٧).
دفاعًا عن أتباع الشيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب
وبيانًا لعقيدتهم السلفيَّة: «قام الشيخ محمَّد بن
عبد الوهَّاب بدعوةٍ دينيَّةٍ، فتبعه عليها قومٌ
فلُقِّبوا ﺑ«الوهَّابيِّين»،
لم يدعُ إلى مذهبٍ مستقلٍّ في الفقه؛ فإنَّ أتباعه النجديِّين
كانوا قبله ولا زالوا إلى الآن بعده حنبليِّين؛ يدرسون الفقه
في كتب الحنابلة، ولم يدعُ إلى مذهبٍ مستقلٍّ في
العقائد؛ فإنَّ أتباعه كانوا قبله ولا زالوا إلى الآن
سنِّيِّين سلفيِّين؛ أهل
إثباتٍ وتنزيهٍ، يؤمنون بالقدر ويثبتون الكسب
والاختيار، ويصدِّقون بالرؤية، ويُثبتون الشفاعة،
ويترضَّوْن عن جميع السلف، ولا يُكفِّرون بالكبيرة،
ويُثبتون الكرامة، وإنما كانت غاية دعوة ابن عبد الوهَّاب
تطهير الدين من كلِّ ما أحدث فيه المحدثون من البدع،
في الأقوال والأعمال والعقائد، والرجوع بالمسلمين
إلى الصراط السويِّ من دينهم القويم بعد انحرافهم
الكثير وزيغهم المبين، لم تكن هاته الغاية التي رمى
إليها بالقريبة المنال ولا السهلة السبل، فإنَّ
البدعَ والخرافاتِ باضَتْ وفرَّختْ في العقول، وانتشرت في سائر
الطوائف وجميع الطبقات على تعاقُب الأجيال في العصور الطوال؛
يَشِبُّ عليها الصغير، ويشيب عليها الكبير، أقام لها
إبليس من جنده من الجنِّ والإنس أعوانًا وأنصارًا،
وحرَّاسًا كبارًا من زنادقةٍ منافقين، ومعمَّمين
جامدين محرِّفين، ومتصوِّفةٍ جاهلين،
وخطباءَ وضَّاعين، فما كانت -وهذا الرسوخُ رسوخُها،
وهذه المَنَعَةُ مَنَعَتُها- لتقوى على فعلها طائفةٌ
واحدةٌ ﻛ«الوهابيِّين» في
مدَّةٍ قليلةٍ، ولو أعدَّت ما شاءت من العُدَّة، وارتكبت ما
استطاعت من الشدَّة ... إنَّ الغاية التي رمى إليها
ابن عبد الوهَّاب، وسعى إليها أتباعه، هي التي لا زال يسعى إليها الأئمَّة المجدِّدون والعلماء المصلحون في جميع الأزمان»(٥٣).
وقال
أيضًا -رحمه الله- في مقام الدفاع والإنصاف لدعوة
الشيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب: «وصار من يُريد
معرفتهم لا يجد لها موردًا إلاَّ كُتُبَ خصومهم الذين
ما كَتَبَ أكثرُهم إلاَّ تحت تأثير السياسة التركيَّة
التي كانت تخشى من نجاحِ الوهَّابيِّين
نهضةَ العرب كافَّةً، وأقلُّهم مَن كَتَبَ عن حُسْنِ
قصدٍ من غير استقلالٍ في الفهم ولا تثبُّتٍ في
النقل، فلم تسلمْ كتابته في الغالب من الخطأ والتحريف،
وأنَّى تُعرف الحقائق من مثل هاته الكتب أو تلك، أم كيف تُؤخذ حقيقة قومٍ من كتب خصومهم، ولا سيَّما إذا كانوا مثل الصنفين المذكورين»(٥٤).
وقد
نشر الشيخ -رحمه الله- في [العدد 40 و41] من مجلَّته
«الشهاب» حوارًا مع رئيس القضاة في مكَّة: الشيخ عبد
الله بن بلهيد -رحمه الله- نقلاً عن جريدة «السياسة»
الأسبوعيَّة، وممَّا جاء فيه قول رئيس القضاة: «أهل
نجدٍ هم جميعهم على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، فهُمْ سلفيَّة العقيدة (نسبةً إلى السلف) حنابلة المذهب، أمَّا تسميتهم بالوهَّابيِّين وتسمية مذهبهم بالوهَّابية
فليست من عملهم، وإنما هي من عمل خصومهم الذين
أرادوا تنفير الناس منهم بإيهامهم الناسَ أنَّ هذا مذهبٌ
جديدٌ يخالف المذاهب الأربعة»(٥٥).
وقال
-رحمه الله- وهو يردُّ على أسلاف صاحب المقال،
ويؤكِّد أنَّ دعوة الحقِّ دعوةٌ واحدةٌ رغم كيد
الظالمين وجهل المتحاملين: «ثمَّ يرمي الجمعية بأنها
تنشر المذهب الوهَّابي،
أفتُعَدُّ الدعوة إلى الكتاب والسنَّة وما كان عليه سلف
الأمَّة، وطرحُ البدع والضلالات، واجتنابُ المُرْدِيَاتِ
والمهلكات؛ نشرًا للوهَّابية؟!!
أم نشْرُ العلم والتهذيب وحريَّة الضمير وإجلال العقل
واستعمال الفكر واستخدام الجوارح نشرٌ للوهَّابية؟!! إذًا فالعالَم المتمدِّن كلُّه وهَّابيٌّ! فأئمَّة الإسلام كلُّهم وهَّابيُّون!
ما ضرَّنا إذا دعَوْنا إلى ما دعا إليه جميع أئمَّة
الإسلام وقام عليه نظام التمدُّن في الأمم إن سمَّانا
الجاهلون المتحاملون بما يشاءون، فنحن -إن شاء الله-
فوق ما يظنُّون، والله وراء ما يكيد الظالمون»(٥٦).
ونشر
الشيخ -رحمه الله- في «الشهاب» خطبةً نقلها عن
«جريدة أمِّ القرى» كان قد ألقاها الملك ابن سعودٍ في
قصره بمكَّة على خمسمائة رجلٍ من أعيان الحجيج،
وممَّا جاء في هذه الخطبة: «يسمُّوننا بالوهَّابيِّين، ويسمُّون مذهبنا بالوهَّابيِّ باعتبار أنَّه مذهبٌ خاصٌّ، وهذا خطأٌ فاحشٌ نشأ عن الدعايات الكاذبة التي يبثُّها أهل الأغراض، نحن لسنا أصحاب مذهبٍ جديدٍ وعقيدةٍ جديدةٍ، ولم يأتِ محمَّد بن عبد الوهَّاب بالجديد، فعقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح، التي جاءت في كتاب الله وسنَّة رسوله، وما كان عليه السلف الصالح،
ونحن نحترم الأئمَّة الأربعة، ولا فرْقَ عندنا بين
مالكٍ والشافعيِّ وأحمد وأبي حنيفة، وكلُّهم محترَمون
في نظرنا، هذه هي العقيدة التي قام شيخ الإسلام محمَّد بن عبد الوهَّاب يدعو إليها، وهذه هي عقيدتنا، وهي مبنيَّةٌ على توحيد الله -عزَّ وجلَّ-، خالصةٌ من كلِّ شائبةٍ، منزَّهةٌ عن كلِّ بدعةٍ، فعقيدة التوحيد -هذه- هي التي ندعو إليها، وهي التي تُنجينا ممَّا نحن فيه من إِحَنٍ وأوصابٍ»(٥٧).