بسم الله الرحمن الرحيم
ان معرفة حكم استخدام العطور والكريمات المحتوية على كحول ( اي الكحول المسكر وهو الإيثانول) وكذا الكحول المعالج او alcohol denat (هو
كحول الإيثانول المسكر يضاف اليه مادة سامة ) يتوقف على معرفة هل الخمر
نجسة ؟؟؟ أي يجب التطهر منها اذا اصابت الثوب او البدن؟ ام انها طاهرة؟؟؟
وهل يجوز استعمالها في غير الشرب مع القول بطهارتها ام لا يجوز ؟؟؟
==============
ورد في صحسح مسلم أن " كل مسكر خمر وكل خمر حرام"
يعني
ان كل من شأنه أن يسكر ويذهب العقل فهو حرام حتى وان لم يطلق عليه لفظ
الخمر لأنه علة التحريم هي الإسكار وذهاب العقل على وجه اللذة والطرب
وكحول الإيثانول او ما يشار إليه في المستحضرات ب " الكحول" هو نفسه الكحول الموجود في الخمر وهو المركب الرئيسي فيه
وبما أن الكحول الإيثلي مسكر فهو بالتالي حرام بنص الحديث السابق
ولكن السؤال هل يجوز استعمال الكريمات و العطور والمستحضرات المحتوية على الكحول او الكحول المعالج؟؟
جمهور العلماء على أن الخمر نجس نجاسة حسية (كنجاسة
البول اكرمكم الله) يجب التطهر منه اذا اصاب شيئا من البدن او الثوب وهذا
القول هو الذي ذهب إليه الحنفية والمالكية ، وأكثر الشافعية ، والحنابلة
وأكثر أهل العلم
وبناء على قولهم هذا فالكحول نجس ولا يجوز استعمال العطور والمنتجات المحتوية عليه الا
انها لا تنقض الوضوء ولكن لا تصح الصلاة وعلى البدن او الثوب شيء منها ولا
يصح استعمالها ثم غسلها لأنه لا يجوز مس النجاسة الا لضرورة
وفي المقابل ذهب بعض الفقهاء إلى أن الخمر ليست نجسة نجاسة حسية وانما هي نجاسة نجاسة معنوية وأدلتهم في ذلك ما يلي :
أولا : أن الله سبحانه قرن الخمر في الآية المذكورة " يا
أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل
الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة
والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ".
بالميسر والأنصاب والأزلام . ولأن الميسر والأنصاب والأزلام ليست نجسة
العين وإن كانت محرمة الاستعمال , فإن الخمر كذلك إذن لا تكون نجسة حتى وإن
كان شربها محرما .
ثانيا :
أن الصحابة لما بلغهم تحريمها أراقوها في طرق المدينة ، ولو كانت بالفعل
نجسة لما فعلوا ذلك ولنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك . لو كانت
نجسة ما جازت إراقتها في الأسواق , لأن تلويث الأسواق بالنجاسات محرم ولا
يجوز .
ثالثا :
الرسول صلى الله عليه وسلم ، لما حرمت الخمر ، لم يأمر بغسل الأواني منها ,
ولو كانت نجسة لأمر بغسل الأواني منها كما أمر بغسلها من لحوم الحمر
الأهلية حين حرمت .
وبناء على قولهم هذا تكون الكحول المسكرة (
الكحول الايثيلي وكذا الكحول المعالج الموجودة في بعض الكريمات وغالبية
العطور) طاهرة غير نجسة
ولكن
هل يجوز استعمالها في غير الأكل والشرب ؟؟؟
هذه فتوى للشيخ محمد بن صالح العثيمين في تفصيل هذه المسألة :
قال
رحمه الله : "الكحول مادة مسكرة كما هو معروف فتكون خمراً ؛ لقول النبي
صلى الله عليه وسلم : (كل مسكر حرام) ، وفي رواية : (كل مسكر خمر) ، وعلى
هذا فإذا خالطت هذه الكحول شيئاً ولم تضمحل بما خالطته : صار هذا الشيء
حراماً ؛ لأن هذا الخليط أثَّر فيه ، أما إذا انغمرت هذه الكحول بما خالطته
ولم يظهر لها أثر : فإنه لا يحرم بذلك ؛ لأن أهل العلم رحمهم الله أجمعوا
على أن الماء إذا خالطته نجاسة لم تغيره فإنه يكون طهوراً ، والنسبة بين
الكحول وبين ما خالطه قد تكون كبيرة وقد تكون صغيرة ، بمعنى أن هذه الكحول
قد تكون قوية فيكون اليسير منها مؤثراً في المخالط ، وقد تكون ضعيفة فيكون
الكثير منها غير مؤثر ، والمدار كله على التأثير .
ثم هاهنا مسألتان :
الأولى : هل الخمر نجس نجاسة حسيَّة ؟ أي
: أنه يجب التنزه منه وغسل الثياب إذا أصابها وغسل البدن إذا أصابه وغسل
الأواني إذا أصابها أو لا؟ جمهور العلماء على أن الخمر نجس نجاسة حسيَّة
وأنه يجب غسل ما أصابه من بدن أو ثياب أو أوانٍ أو فرش أو غيرها كما يجب
غسل البول والعذرة ، واستدلوا لذلك بقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ
رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) ، والرجس هو النجس بدليل قوله تعالى :
(قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ
يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ
لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) أي : نجس ، واستدلوا أيضاً بحديث أبي
ثعلبة الخشني حيث سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأكل بآنية الكفار فقال
النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تأكلوا فيها ، إلا أن لا تجدوا غيرها
فاغسلوها وكلوا فيها) ، وقد ورد في تعليل النهي عن الأكل فيها أنهم كانوا
يضعون فيها الخمر ولحم الخنزير وما أشبه ذلك .
ولكن القول الثاني في المسألة أن الخمر ليس نجساً نجاسة حسيَّة ، واستدل لهذا القول بأن الأصل في الأشياء الطهارة ، وأنه لا يلزم من تحريم الشيء أن يكون نجساً ،
فالسم حرام بلا شك ومع ذلك ليس بنجس ، وقالوا : إن القاعدة الشرعية "أن كل
نجس حرام ، وليس كل حرام نجساً" ، وعلى هذا : فيبقى الخمر حراماً وليس
بنجس حتى تقوم الأدلة على نجاسته ، واستدلوا أيضاً بأن الخمر حين حرمت
أراقها المسلمون في الأسواق ولم يغسلوا الأواني منها ، وإراقتها في الأسواق
دليل على عدم نجاستها ؛ لأنه لا يحل لإنسان أن يريق النجس في أسواق
المسلمين ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (اتقوا اللاعنين ، قالوا : يا
رسول الله ، وما اللاعنان؟ قال : الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم) ؛
ولأنهم لم يغسلوا الأواني منها ، ولو كانت نجسة لوجب غسل الأواني منها ،
واستدل لهذا القول أيضاً بما ثبت في صحيح مسلم (أن رجل أهدى إلى رسول الله
صلى الله عليه وعلى آله وسلم رواية خمر فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم
أنها حرمت ، فتكلم أحد الصحابة مع صاحب الرواية سرّاً - أي : أسرَّ إليه
حديثاً - فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : بما ساررته ، قال : قلت
: بعها ، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعها ، وقال : إن الله إذا
حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه) - هذا الحديث أو معناه - ثم فتح الرجل فم الرواية
وأراق الخمر بحضرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولم يأمر النبي صلى
الله عليه وسلم بغسل الرواية ولو كان الخمر نجساً لأخبره صلى الله عليه
وسلم بنجاسة الراوية وأمره بغسلها .
وأما
ما استدل به القائلون بالنجاسة الحسية في قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ
وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) فإن الله تعالى قيد هذا
الرجس بأنه رجس عملي قال : (رجس مِنْ عمل الشيطان) وليس رجساً عينيّاً
بدليل أن الميسر والأنصاب والأزلام ليست نجاستها نجاسة حسيَّة ، والخبر عن
نجاستها ونجاسة الخمر خبر واحد لعامل واحد : (إِنَّمَا الْخَمْرُ
وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ
الشَّيْطَانِ) ومثل هذا لا يجوز أن تفرق الدلالة فيه على وجهين مختلفين إلا
بدليل يعين ذلك .
وأما حديث أبي ثعلبة الخشني فليس الأمر بغسلها من أجل
نجاستها ، لاحتمال أن يكون الأمر بغسلها من أجل الابتعاد التام والانفصال
التام عن استعمال أواني الكفار الذي يجر إلى مماستهم والقرب منهم وليس
للنجاسة ؛ لأن المعروف أن النجاسة لا تثبت بالاحتمال .
على
كل حال : هذا هو الأمر الأول مما يتعين البحث فيه في جواب هذا السؤال عن
الكحول وإذا تبين أن الخمر ليست نجسة نجاسة حسيَّة صارت هذه الكحول ليست
نجسة نجاسة حسية فتبقى على طهارتها .
أما الأمر الثاني : فإذا تعيَّن أن في هذه الأطياب كحولاً ومؤثراً لكونه كثيراً ، فهل يجوز استعماله في غير الشرب ؟ جواب ذلك أن يقال : إن قول الله تعالى : (فَاجْتَنِبُوهُ) عام في جميع وجوه الاستعمال أي : أننا نجتنبه أكلاً وشرباً ودهناً وغير ذلك،
هذا هو الأحوط بلا شك ، لكنه لا يتعين في غير الشرب ؛ لأن الله تعالى علل
الأمر بالاجتناب بقوله : (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ
بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ
وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ
مُنْتَهُونَ) ، وهذا لا يتأتى في غير الشرب ، وعلى هذا : فالورع اجتناب التطيب بهذه الأطياب والجزم بالتحريم لا يمكن ..." انتهى .
قال الشيخ الألباني-رحمه الله- في فتاوى المدينة :
العطور
الكحولية غير الزيتية هي ليست نجسة لكنها قد تكون محرمة وتكون محرمة إذا
كانت نسبة الكحول في تلك العطور تجعل العطر سائلاً مسكراً، حينئذ تكون
مسكرة، فتدخل في عموم الأحاديث التي تنهى عن بيع وشراء وصنع المسكرات.
ولا يجوز للمسلم حينئذ أن يتعاطاها أو يتطيب بها، لأن
أي نوع من أنواع الاستعمال لهذه العطور داخل في عموم قوله تعالى: ((وَلاَ
تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)) [المائدة: 2].
وقوله
عليه السلام: ((لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الخمر عشرة عاصرها
ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها
والمشتري لها والمشتراة له))
ولذلك ننصح بالابتعاد عن المتاجرة بهذه العطور الكحولية، لا سيّما إذا كان مكتوب عليها أن بها (60%) أو (70%) من الكحول.
فمعنى ذلك أنّه يُمكن تحويلها إلى شراب مُسكر.
ومِن أبواب الشريعة باب يُسمّى: سدّ الذريعة، فتحريم الشارع الحكيم القليل من المسكر هو من هذا الباب.
فقال عليه السلام:
((ما أسكر كثيره، فقليله حرام))
فالخلاصة أنّه لا يجوز بيع العطور الكحولية إذا كانت نسبة الكحول فيها عالية.
=================================
مما سبق يتبين لنا أن أكثر اهل العلم على نجاسة الخمر نجاسة حسية وفئة قليلة ذهبت الى طهارتها طهارة حسية
ثم إن من قال ان الخمر طاهر ليس بنجس قال بأنه من
باب التورع والأحوط هو عدم استعمال المنتجات من عطورات وكريمات المحتوية
على الكحول ( alcohol, alcohol denat, ) لاتقاء الشبهات طبعا وخروجا من
الخلاف
هذا وان
استحالت الكحول اثناء التصنيع وقبل خلطها بمكونات أخرى الى ما لا يسكر
فهناك من يقول بجواز استعمالها ولكن تبقى هناك اشكالية :
كيف يمكن للمرء أن يعرف أن الكحول الموجودة في العطور او الكريمات قد استحالت الى ما لا يسكر؟؟؟
وهناك
أمر آخر هو هل يجوز أصلا استعمالها وتحويلها الى ما لا يسكر؟؟ فقد نهى
النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ الخمر خلا أي أن الخمر لا يجوز تحويلها
الى شيء آخى
وكما هو
معلوم فالكحول المستعملة في الصناعات التجميلية وكذا العطور يتدخل الانسان
في تحويلها ولا تستحيل بنفسها الى ما لا يسكر هذا ان كانت كحول محولة وليست
كحولا اصلية فكثير من العطورات والمستحضرات تحتوي على كحول اصلي غير محول
وبناء على كل ما ورد سابقا يتبين انه يبقى الاحوط والأسلم للمسلم ان يجتنب استعمال ما يحتوي على االكحول او الكحول المعالج وهناك من اجاز للضرورة كتعقيم الجروج
والله تعالى اعلى واعلم
ان معرفة حكم استخدام العطور والكريمات المحتوية على كحول ( اي الكحول المسكر وهو الإيثانول) وكذا الكحول المعالج او alcohol denat (هو
كحول الإيثانول المسكر يضاف اليه مادة سامة ) يتوقف على معرفة هل الخمر
نجسة ؟؟؟ أي يجب التطهر منها اذا اصابت الثوب او البدن؟ ام انها طاهرة؟؟؟
وهل يجوز استعمالها في غير الشرب مع القول بطهارتها ام لا يجوز ؟؟؟
==============
ورد في صحسح مسلم أن " كل مسكر خمر وكل خمر حرام"
يعني
ان كل من شأنه أن يسكر ويذهب العقل فهو حرام حتى وان لم يطلق عليه لفظ
الخمر لأنه علة التحريم هي الإسكار وذهاب العقل على وجه اللذة والطرب
وكحول الإيثانول او ما يشار إليه في المستحضرات ب " الكحول" هو نفسه الكحول الموجود في الخمر وهو المركب الرئيسي فيه
وبما أن الكحول الإيثلي مسكر فهو بالتالي حرام بنص الحديث السابق
ولكن السؤال هل يجوز استعمال الكريمات و العطور والمستحضرات المحتوية على الكحول او الكحول المعالج؟؟
جمهور العلماء على أن الخمر نجس نجاسة حسية (كنجاسة
البول اكرمكم الله) يجب التطهر منه اذا اصاب شيئا من البدن او الثوب وهذا
القول هو الذي ذهب إليه الحنفية والمالكية ، وأكثر الشافعية ، والحنابلة
وأكثر أهل العلم
وبناء على قولهم هذا فالكحول نجس ولا يجوز استعمال العطور والمنتجات المحتوية عليه الا
انها لا تنقض الوضوء ولكن لا تصح الصلاة وعلى البدن او الثوب شيء منها ولا
يصح استعمالها ثم غسلها لأنه لا يجوز مس النجاسة الا لضرورة
وفي المقابل ذهب بعض الفقهاء إلى أن الخمر ليست نجسة نجاسة حسية وانما هي نجاسة نجاسة معنوية وأدلتهم في ذلك ما يلي :
أولا : أن الله سبحانه قرن الخمر في الآية المذكورة " يا
أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل
الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة
والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ".
بالميسر والأنصاب والأزلام . ولأن الميسر والأنصاب والأزلام ليست نجسة
العين وإن كانت محرمة الاستعمال , فإن الخمر كذلك إذن لا تكون نجسة حتى وإن
كان شربها محرما .
ثانيا :
أن الصحابة لما بلغهم تحريمها أراقوها في طرق المدينة ، ولو كانت بالفعل
نجسة لما فعلوا ذلك ولنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك . لو كانت
نجسة ما جازت إراقتها في الأسواق , لأن تلويث الأسواق بالنجاسات محرم ولا
يجوز .
ثالثا :
الرسول صلى الله عليه وسلم ، لما حرمت الخمر ، لم يأمر بغسل الأواني منها ,
ولو كانت نجسة لأمر بغسل الأواني منها كما أمر بغسلها من لحوم الحمر
الأهلية حين حرمت .
وبناء على قولهم هذا تكون الكحول المسكرة (
الكحول الايثيلي وكذا الكحول المعالج الموجودة في بعض الكريمات وغالبية
العطور) طاهرة غير نجسة
ولكن
هل يجوز استعمالها في غير الأكل والشرب ؟؟؟
هذه فتوى للشيخ محمد بن صالح العثيمين في تفصيل هذه المسألة :
قال
رحمه الله : "الكحول مادة مسكرة كما هو معروف فتكون خمراً ؛ لقول النبي
صلى الله عليه وسلم : (كل مسكر حرام) ، وفي رواية : (كل مسكر خمر) ، وعلى
هذا فإذا خالطت هذه الكحول شيئاً ولم تضمحل بما خالطته : صار هذا الشيء
حراماً ؛ لأن هذا الخليط أثَّر فيه ، أما إذا انغمرت هذه الكحول بما خالطته
ولم يظهر لها أثر : فإنه لا يحرم بذلك ؛ لأن أهل العلم رحمهم الله أجمعوا
على أن الماء إذا خالطته نجاسة لم تغيره فإنه يكون طهوراً ، والنسبة بين
الكحول وبين ما خالطه قد تكون كبيرة وقد تكون صغيرة ، بمعنى أن هذه الكحول
قد تكون قوية فيكون اليسير منها مؤثراً في المخالط ، وقد تكون ضعيفة فيكون
الكثير منها غير مؤثر ، والمدار كله على التأثير .
ثم هاهنا مسألتان :
الأولى : هل الخمر نجس نجاسة حسيَّة ؟ أي
: أنه يجب التنزه منه وغسل الثياب إذا أصابها وغسل البدن إذا أصابه وغسل
الأواني إذا أصابها أو لا؟ جمهور العلماء على أن الخمر نجس نجاسة حسيَّة
وأنه يجب غسل ما أصابه من بدن أو ثياب أو أوانٍ أو فرش أو غيرها كما يجب
غسل البول والعذرة ، واستدلوا لذلك بقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ
رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) ، والرجس هو النجس بدليل قوله تعالى :
(قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ
يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ
لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) أي : نجس ، واستدلوا أيضاً بحديث أبي
ثعلبة الخشني حيث سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأكل بآنية الكفار فقال
النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تأكلوا فيها ، إلا أن لا تجدوا غيرها
فاغسلوها وكلوا فيها) ، وقد ورد في تعليل النهي عن الأكل فيها أنهم كانوا
يضعون فيها الخمر ولحم الخنزير وما أشبه ذلك .
ولكن القول الثاني في المسألة أن الخمر ليس نجساً نجاسة حسيَّة ، واستدل لهذا القول بأن الأصل في الأشياء الطهارة ، وأنه لا يلزم من تحريم الشيء أن يكون نجساً ،
فالسم حرام بلا شك ومع ذلك ليس بنجس ، وقالوا : إن القاعدة الشرعية "أن كل
نجس حرام ، وليس كل حرام نجساً" ، وعلى هذا : فيبقى الخمر حراماً وليس
بنجس حتى تقوم الأدلة على نجاسته ، واستدلوا أيضاً بأن الخمر حين حرمت
أراقها المسلمون في الأسواق ولم يغسلوا الأواني منها ، وإراقتها في الأسواق
دليل على عدم نجاستها ؛ لأنه لا يحل لإنسان أن يريق النجس في أسواق
المسلمين ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (اتقوا اللاعنين ، قالوا : يا
رسول الله ، وما اللاعنان؟ قال : الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم) ؛
ولأنهم لم يغسلوا الأواني منها ، ولو كانت نجسة لوجب غسل الأواني منها ،
واستدل لهذا القول أيضاً بما ثبت في صحيح مسلم (أن رجل أهدى إلى رسول الله
صلى الله عليه وعلى آله وسلم رواية خمر فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم
أنها حرمت ، فتكلم أحد الصحابة مع صاحب الرواية سرّاً - أي : أسرَّ إليه
حديثاً - فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : بما ساررته ، قال : قلت
: بعها ، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعها ، وقال : إن الله إذا
حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه) - هذا الحديث أو معناه - ثم فتح الرجل فم الرواية
وأراق الخمر بحضرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولم يأمر النبي صلى
الله عليه وسلم بغسل الرواية ولو كان الخمر نجساً لأخبره صلى الله عليه
وسلم بنجاسة الراوية وأمره بغسلها .
وأما
ما استدل به القائلون بالنجاسة الحسية في قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ
وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) فإن الله تعالى قيد هذا
الرجس بأنه رجس عملي قال : (رجس مِنْ عمل الشيطان) وليس رجساً عينيّاً
بدليل أن الميسر والأنصاب والأزلام ليست نجاستها نجاسة حسيَّة ، والخبر عن
نجاستها ونجاسة الخمر خبر واحد لعامل واحد : (إِنَّمَا الْخَمْرُ
وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ
الشَّيْطَانِ) ومثل هذا لا يجوز أن تفرق الدلالة فيه على وجهين مختلفين إلا
بدليل يعين ذلك .
وأما حديث أبي ثعلبة الخشني فليس الأمر بغسلها من أجل
نجاستها ، لاحتمال أن يكون الأمر بغسلها من أجل الابتعاد التام والانفصال
التام عن استعمال أواني الكفار الذي يجر إلى مماستهم والقرب منهم وليس
للنجاسة ؛ لأن المعروف أن النجاسة لا تثبت بالاحتمال .
على
كل حال : هذا هو الأمر الأول مما يتعين البحث فيه في جواب هذا السؤال عن
الكحول وإذا تبين أن الخمر ليست نجسة نجاسة حسيَّة صارت هذه الكحول ليست
نجسة نجاسة حسية فتبقى على طهارتها .
أما الأمر الثاني : فإذا تعيَّن أن في هذه الأطياب كحولاً ومؤثراً لكونه كثيراً ، فهل يجوز استعماله في غير الشرب ؟ جواب ذلك أن يقال : إن قول الله تعالى : (فَاجْتَنِبُوهُ) عام في جميع وجوه الاستعمال أي : أننا نجتنبه أكلاً وشرباً ودهناً وغير ذلك،
هذا هو الأحوط بلا شك ، لكنه لا يتعين في غير الشرب ؛ لأن الله تعالى علل
الأمر بالاجتناب بقوله : (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ
بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ
وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ
مُنْتَهُونَ) ، وهذا لا يتأتى في غير الشرب ، وعلى هذا : فالورع اجتناب التطيب بهذه الأطياب والجزم بالتحريم لا يمكن ..." انتهى .
قال الشيخ الألباني-رحمه الله- في فتاوى المدينة :
العطور
الكحولية غير الزيتية هي ليست نجسة لكنها قد تكون محرمة وتكون محرمة إذا
كانت نسبة الكحول في تلك العطور تجعل العطر سائلاً مسكراً، حينئذ تكون
مسكرة، فتدخل في عموم الأحاديث التي تنهى عن بيع وشراء وصنع المسكرات.
ولا يجوز للمسلم حينئذ أن يتعاطاها أو يتطيب بها، لأن
أي نوع من أنواع الاستعمال لهذه العطور داخل في عموم قوله تعالى: ((وَلاَ
تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)) [المائدة: 2].
وقوله
عليه السلام: ((لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الخمر عشرة عاصرها
ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها
والمشتري لها والمشتراة له))
ولذلك ننصح بالابتعاد عن المتاجرة بهذه العطور الكحولية، لا سيّما إذا كان مكتوب عليها أن بها (60%) أو (70%) من الكحول.
فمعنى ذلك أنّه يُمكن تحويلها إلى شراب مُسكر.
ومِن أبواب الشريعة باب يُسمّى: سدّ الذريعة، فتحريم الشارع الحكيم القليل من المسكر هو من هذا الباب.
فقال عليه السلام:
((ما أسكر كثيره، فقليله حرام))
فالخلاصة أنّه لا يجوز بيع العطور الكحولية إذا كانت نسبة الكحول فيها عالية.
=================================
مما سبق يتبين لنا أن أكثر اهل العلم على نجاسة الخمر نجاسة حسية وفئة قليلة ذهبت الى طهارتها طهارة حسية
ثم إن من قال ان الخمر طاهر ليس بنجس قال بأنه من
باب التورع والأحوط هو عدم استعمال المنتجات من عطورات وكريمات المحتوية
على الكحول ( alcohol, alcohol denat, ) لاتقاء الشبهات طبعا وخروجا من
الخلاف
هذا وان
استحالت الكحول اثناء التصنيع وقبل خلطها بمكونات أخرى الى ما لا يسكر
فهناك من يقول بجواز استعمالها ولكن تبقى هناك اشكالية :
كيف يمكن للمرء أن يعرف أن الكحول الموجودة في العطور او الكريمات قد استحالت الى ما لا يسكر؟؟؟
وهناك
أمر آخر هو هل يجوز أصلا استعمالها وتحويلها الى ما لا يسكر؟؟ فقد نهى
النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ الخمر خلا أي أن الخمر لا يجوز تحويلها
الى شيء آخى
وكما هو
معلوم فالكحول المستعملة في الصناعات التجميلية وكذا العطور يتدخل الانسان
في تحويلها ولا تستحيل بنفسها الى ما لا يسكر هذا ان كانت كحول محولة وليست
كحولا اصلية فكثير من العطورات والمستحضرات تحتوي على كحول اصلي غير محول
وبناء على كل ما ورد سابقا يتبين انه يبقى الاحوط والأسلم للمسلم ان يجتنب استعمال ما يحتوي على االكحول او الكحول المعالج وهناك من اجاز للضرورة كتعقيم الجروج
والله تعالى اعلى واعلم