المجزوءة الأولى: وحدة التربية الاعتقادية.
الدرس الرابع / الخصائص العامة للإسلام: الربانية والشمول.
1- النصوص : الآيات الخمس الأولى من سورة العلق + الآية 3 من سورة الأعراف + الآية 38 من سورة الأنعام + حديث أبي ثعلبة الخشني t.
ا- مدلولات الألفاظ والعبارات :
- من علق : جمع علقة وهي النطفة في الطور الثاني لها حيث تصير علقة .
- أولياء : رؤساؤهم في الشرك والضلال والفساد .
- حد حدودا : وهي جملة ما أذن الله في فعله سواء كان واجبا أو مندوبا أو مباحا.
- فرطنا : أي ما أغفلنا وما تركنا .
ب- استخراج مضامين النصوص :
1- تقرير الوحي الإلهي وإثبات النبوة لسيدنا محمد e .
2- التنويه بشأن الكتابة والخط بالقلم إذ هما مفتاح العلوم وبيان منزلة العلم والعلماء في الاسلام.
3- وجوب اتباع الوحي وحرمة اتباع ما يدعو إليه أصحاب الأهواء.
3- تحليل عناصر الدرس :
ا- المقصود بالخصائص العامة للإسلام :
الخصائص : جمع خاصية وهي كل وصف ومميز ينفرد به الشيء.
وخصائص الإسلام : هي أوصافه ومميزاته التي ينفرد بها ويتميز بها على غيره من الأديان والمذاهب الأخرى .
أهمها : خمسة خصا ئص موضوع دراستنا في الدروس التالية:
1)- الربانية 2)- الشمول 3)- العالمية 4)- التوازن والاعتدال 5)- التجديد والانفتاح على القضايا المعاصرة .
وموضوع درسناهذا حول خاصيتي (( الربانية والشمول :
1- الربانية : نسبة
إلى الرب سبحانه أي أن شريعة الإسلام هي منزلة من عند الله سبحانه وتشريعه
للناس جميعا وليست من وضع الإنسان المتصف بالعجز والنقص ( وانه لتنزيل رب العالمين )فالإسلام رباني مصدرا ومنهجا .غاية ووجهة .
2- الشمول : أي
إحاطة أحكامه وتشريعاته بكل مجالات الحياة للفرد والجماعة – شمول يستوعب
الزمان كله والحياة كلها وكيان الإنسان كله ، قال تعالى : ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ).
• تجليات الشمول :ومما يتجلى فيه هذا الشمول ما يلي :
العقيدة / والعبادات / والاجتماع / والسياسة / والقضاء / والإدارة / والاقتصاد والمال.
• العقيدة :فهي شاملة من أي جانب نظرت إليها.وتنبثق من شهادة التوحيد.
• العبادات : بأنواعها البدنية والمالية والروحية.
•الاجتماع : والمتمثل في أحكام الأسرة منذ النشأة إلى النهاية.
• السياسة : والمتمثلة في وضع الأسس للدولة الإسلامية وعلاقتها مع غيرها. والعلاقة بين الحاكم والمحكوم.....
•القضاء : حيث اشتمل الإسلام على أسس الحكم بين الناس عند التنازع والاعتداء.. القائمة على العدل والإنصاف.
•الإدارة :من خلال مجموعة من الأحكام والتشريعات التي تهتم بتدبير المصالح الإدارية وإدارة مختلف مرافق الدولة.
• الاقتصاد والمال : حيث يعتبر الاسلام المال من الضروريات الخمس التي يجب المحافظة عليها. والقرآن والسنة مليئانبالنصوص التي تتحدث عن المال ودوره و....
3- أهمية خاصيتي الربانية والشمول : ويتجلى ذالك فيما يلي :
- كمال الدين الإسلامي : لأن مصدره الله سبحانه المتصف بكل كمال .
- خلوده ودوامه : إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
- تحقيق العدل المطلق للبشرية : لأنه حق نزل من عند الحق سبحانه .
- اشتماله على مصالح الأنام :في العاجل والأجل ولو لم تظهرلنا أحيانا .
- الرحمة للعالمين :لأنه سبحانه أرحم بخلقه من الأم بولدها .
- كونه بصيرة وهداية : للطريق المستقيم .
- استيعابه واشتماله على جميع قضايا الإنسان والكون غيبا وشهادة ما نعلم وما لم معلم .
4- وسائل تحصيل معانيهما في النفوس :
الإسلام
دين عبادة وعمل عقيدة وشريعة ......لذلك نجده يسعى بكل الوسائل إلى غرس
القيم في النفوس أولا. ثم الانتقال إلى التطبيق والممارسة ثانية. ومن
وسائله في تحقيق ذلك هناك:
- طريق العبادات : المختلفة المفروضة منها والمندوبة .
- الآداب : المختلفة على مستوى الفرد والجماعة والدولة .
- التربية والتكوين : انطلاقا من الأسرة والمسجد والمدرسة وإيجاد البيئة الصالحة النظيفة.
- الإعلام والتوجيه والتثقيف الشعبي العام : بوسائله المختلفة إذا أحسن توظيفها وتوجيهها ...
- التشريع والتقنين : لحماية الإسلام وأتباعه .
- حماية الدعوة الإسلامية : لتحقيق الدولة الإسلامية القوية المطبقة لشرع الله في كل مجالات الحياة.
- مؤسسة الحسبة ونظامها جزء لايتجزأ من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- المساجد ولها دور كبير في التربية والتوجيه من خلال الخطب والدروس والمواعظ التي تقام بها.
وأحكام الإسلام لا تتوقف عند هذا الحد بل تتعدى إلى كل مجالات الحياة المختلفة.
5- من ثمرات خاصيتي الربانية والشمول : لهاتين الخاصيتين في نفس الإنسان وحياته ثمرات وآثار كثيرة منها ما يلي :
- معرفة الإنسان غاية وحكمة وجوده المتمثلة في عبادة الله. - الاهتداء إلى الفطرة التي فطر الله عليها جميع الناس.
- التحرر من الانسياق وراء الشهوات والغرائز وأنانية النفس . - قبول تشريعات الإسلام والإذعان لها دون أي تردد.
- سلامة نفس الإنسان من التمزق والصراع الداخلي بالاعتصام بالله . - اطمئنان العباد إلى رحمة الله وشرعه الرحيم. .الخ
المجزوءة الأولى: وحدة التربية الاعتقادية.
الدرس الخامس:الخصائص العامة للإسلام: العالمية والتوازن والاعتدال.
1) النصوص : الآية 158 من سورة الأعراف + حديث عبد الله بن عمرt
أ- مدلولات الألفاظ والعبارات :
- يا أيها الناس : خطاب للجميع العربي والعجمي والأحمر والأسود .
- وكلماته : جميعالكتب السماوية السابقة أو ( تشريعاته ).
- متين : متُن – متانة صلُب واشتد وقوي ، فهو متن ومتين .
- فأوغل : يقال أوغل في العلم أو الدين : ذهب وبالغ وأبعد .
- المنبت : انبت : انقطع ، والمنبت هو من يبالغ في طلب الشيء ويفرط حتى ربما يفوّته على نفسه .
ب- استخراج المضامين :
1- تدل الآية الكريمة على أن سيدنا محمدا t رسول من الله إلى الناس كافة ودعوته عالمية وشاملة .
2- تحذير النبي t من التشدد والغلو وبيان عاقبته ، وإرشاده إلى التوسط والاعتدال .
3) تحليل ومناقشة عناصر الدرس :
I – خاصية العالمية :
أ- مفهوم العالمية :
هو
أن رسالة الإسلام غير محدودة بعصر ولا جيل ولا بمكان فهي تخاطب كل الأمم
وكل الأجناس وكل الشعوب وكل الطبقات وهي هداية رب الناس لكل الناس ورحمة
الله لكل عباد الله ،
ب- الأدلة على عالمية الإسلام :
- فمن آيات القرآن : قوله تعالى : ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جمبعا...) وقوله : ( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا)وقوله تعالى : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) .... وغيرها .
- ومن السنة : قوله t[ أنا رسول من أدركت حيا ومن يولد بعدي ]وقوله t : [ والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يومن بي إلى دخل النار [رواه مسلم .
-
وعالمية الإسلام آمر من صميم هذا الدين مركوزة فيه بحكم طبيعته تجسد منذ
البداية رموزا في ( بلاد الحبشة ، وصهيب الرومي وسلمان الفارسي وعمر القرشي
) ، وأيضا كتب الرسول t إلى أمراء وملوك عصره تؤكد ذلك.
ج- أهمية عالمية الإسلام : وتتجلى في:
- تعايش الناس في سلام وأمان متآخين مترابطين على أساس مبادئ الكرامة الإنسانية والمساواة والحرية.
- القضاء على العنصرية والعصبية والطبقية بكل أشكالها– كما في الآيات والأحاديث الكثيرة
-
انتشار عقيدة الإسلام في جميع أنحاء العالم منذ نزوله وإلى يومنا هذا،
ويعتبر في عصرنا الحاضر من أكثر الديانات انتشارا بين الناس عن حرية
واقتناع رغم المؤامرات التي تحاك ضده .
- حماية حقوق الإنسان ومبادئها الكونية .
د- مظاهر عالمية في الإسلام :
- ختم الرسالات السماوية السابقة ونسخها بالإسلام وجعله عالميا إلى كافة الناس ، قال تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين).
- كونه رسالة ربانية إنسانية رحيمة بالإنسان قال تعالى : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) .
- كونه دين سلام وتسامح لاعنت فيه ولا تشدد ولا تطرف ولا غلو .
- كونه يحقق المساواة المطلقة بين الناس ويقضي على كل الفوارق ...
- كونه خالدا ومتجددا يسد حاجات الناس جميعا في كل زمان ومكان .⋯
II- خاصية التوازن والإعتدال : ( الوسطية )
أ- مفهوم التوازن والإعتدال :
التوازن
والإعتدال قرينان ومترافدان ، والمقصود منهما : التعادل والتوفيق بين
الشيئين المتقابلين المتضادين بحيث لا يأخذ أحد الطرفين أكثر من حقه ويطغى
على مقابله .
• أمثلة للاطراف المتقابلة أو المتضادة في حياة الإنسان :
الروحية والمادية ، الفردية والجماعية ، الدنيوية والأخروية الثبات والتغير
، وغيرها .
• ومعنى التوازن بينها : أن يفسح لكل طرف منها مجاله ويعطي حقه بلا غلو ولا تقصير .
• بعض الأدلة الشرعية على وسطية الاسلام واعتداله:فمن القرآن قوله تعالى : (( وكذالك جعلناكم أمة وسطا.. .
وقوله تعالى : (( والسماء رفعها ووضع المزان... وقوله تعالى : (( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما
ومن السنة قوله t: ( إياكم والغلو في الدين فإن الغلو أهلك من كان قبلكم). وقوله t : ( إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه ).
ب- أهميتهما في الإسلام :
من
حكمته سبحانه ان اختار التوازن والإعتدال شعارا مميزا لهذه الأمة التي هي
أخر الأمم ولهذه الرسالة الخاتمة وبعث بها خاتم رسله جميعا وتتجلى الأهمية
فيما يلي :
- أن ذالك يمثل منطق الآمان والبعد عن الخطر فالإسلام
متوازن في الإعتقاد والتصور وفي التعبد والتنسك وفي الأخلاق والأداب وفي
التشريع ..........
- أن ذالك طريق الوحدة الفكرية ومركزها ومنبعها
ولهذا تثير المذاهب والأفكار المتطرفة من الفرقة والخلاف بين أبناء الأمة
الواحدة ما لا تثيره المذاهب المعتدلة في العادة .
- أن ذلك يجعل المسلم
متوازنا ولايشعر بأي تعارض بين عمله لدنياه وعمله لدينه بإعتبار كل عمل
صالح عبادة وذلك منبع قوة شخصية المسلم في كل سلوكاته وأعماله ومفتاح نجاحه
في الدنيا والأخرة .اه
المجزوءة الأولى: وحدة التربية الاعتقادية.
الدرس السادس/ الخصائص العامة للإسلام: التجديد والانفتاح على القضايا المعاصرة.
1- النصوص : الآية 89 من سورة النحل + حديث أبي هريرة حول المجدد + حديث تأبير النخل.
أ- مدلولات الألفاظ والعبارات :
- تبيانا : توضيحا وتفسيرا واستيعابا لكل شيء
- يجدد : يحيي التدين في نفوس الناس ، ويجتهد في استيعاب الإسلام لقضايا العصر .
- الظن : العلم بغير يقين ، وإدراك الذهن الشيء مع ترجيحه وقد يكون مع اليقين .
ب- استخراج المضامين :
1- بيان استيعاب الإسلام لجميع التطورات الحاصلة ، وقدرته على حل الإشكالات المستجدة عبر العصور .
2- فتح المجال أمام العلماء المتخصصين للاجتهاد والتجديد والبحث عن الحكم الشرعي المناسب للقضايا المستجدة التي لا نص فيها .
3- وجوب تضافر جهود علماء الأمة من مختلف التخصصات للقيام بواجب الاجتهاد وتجديد الدين .
3- تحليل عناصر الدرس :
أ- مفهوم التجديد :
التجديد لغة : توضيح الشيء وتصييره جديدا .
واصطلاحا : هو
الاجتهاد في القضايا الجديدة التي تظهر في الزمان والمكان يمارسه علماء
الأمة لتحقيق خاصية الانفتاح والتوصل إلى الحكم الشرعي المناسب .
المجدد : هو
العالم المتميز بالورع والتقوى المستوعب للقرآن والسنة وعالم بقواعد اللغة
العربية ، العارف بالوقائع والأحوال التي يعيشها عصره المطلع على الثقافات
السائدة وحاجات الناس المتجددة .
ب- مجالات التجديد : لتجديد الدين مجالان هما :
1- الثوابت القطعية :
والتي قررها ديننا المتعلقة بالعقائد والعبادات وأصول المعاملات وغيرها ،
وتجديدها يكون بإزالة الآثار السلبية التي تصيبها بفعل التقليد ، والابتداع
... يقول الرسول t( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد ) ويقول t : ( جددوا إيمانكم.قيل يارسول الله،وكيف نجدد إيماننا؟قال:أكثروا من قول لاإله إلا الله ) الحاكم في المستدرك
2- النوازل والمستجدات الناجمة عن تغير أنماط العيش عبر الزمان والمكان :
ويتم التجديد فيها بإعطائها الحكم الشرعي المناسب لها .ومن ذلك الاجتهاد
والتجديد في تدبير شؤون الحياة الاقتصادية والعلمية والثقافية والاجتماعية
والفنية والتقنية وغيرها مما لا يعارض مقاصد الإسلام وقيمه فذلك مطلوب
وممدوح لقول الرسول t( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ....الحديث)
ج- ضوابط التجديد : ليحقق التجديد مهمته على أتم وجه لا بد من مراعاة ما يلي :
1- فقه الشرع :
من طرف المجدد بتوفره على مجموعة من الشروط ، كالعلم بالقرآن والسنة وما
يتعلق بهما من قواعد ومتمكنا من علوم اللغة والفنون الأخرى المساعدة على
الفهم ومراعيا مقاصد الشريعة الدائرة على ( جلب المصالح ودفع المفاسد ) وأن
يكون تقيا ورعا مخلصا لله.
2- فقه الواقع : باستيعاب
واقع الناس الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي والبيئي بصفة شاملة
حتى يتمكن المجدد من إصابة مقصود الشرع في ما جد من قضايا ونوازل ... وفي
العصر الحاضر يجب أن تتضافر جهود الجميع من مختلف التخصصات للقيام بواجب
التجديد والاجتهاد .
د- ضرورة الانفتاح والتجديد في تطور المجتمعات الإسلامية :
تجديد
الدين أصبح ضرورة وفريضة في هذا العصر لكثرة التحديات التي تواجهها الأمة
في ظل العولمة لتحافظ على هويتها وتساهم في بناء الحضارة ، والشريعة
الإسلامية تمتلك من عوامل المرونة ما يجعل أحكامها تساير كل مستجدات العصر
وتستوعب كل قضايا الإنسان في مختلف الأزمنة والأمكنة ولذلك دعا الإسلام إلى
الاجتهاد في استنباط الأحكام المناسبة اعتمادا على القواعد العامة التي
قررها . وقدر الثواب الجزيل لهذا العمل الجليل كما جاء في الحديث ( إذا حكم
الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر واحد )
- و بذلك استوعب الإسلام كل القضايا المستجدة المتعلقة بحقوق الإنسان
وحماية البيئة واستثمار تكنولوجيا الإعلام والاتصال والتوعية الصحية وغيرها
مما تتيسر به سبل الحياة في عصرنا الحاضر لأن ذالك من صلب مقاصده وأسمى
غاياته .. وفيما يلي نماذج لبعض القضايا من ثلاث مجالات : تعبدي – ومالي –
وطبي .
- (المجال
التعبدي) كالصلاة في الطائرة والقطار والحافلة وغيرها من وسائل النقل
الحديثة إذا طالت الرحلة حفظا للدين بأداء الصلاة في وقتها ...
- (المجال المالي) كالتأمين التعاوني بالتعاقد بين جماعة من الناس يربطهم مجال معين، وهو جائز لمنافعه وتحقيقه مبدأ التعاون والتكافل .
- (المجال
الطبي) كنقل الدم تبرعا من شخص صحيح إلى آخر مريض : وهو جائز لما يحققه من
مصالح العباد بحفظ النفوس وتحقيق مبدأ الإيثار والتعاون .. وغير ذلك ، مما
يدل على مرونة الإسلام وسعته وشموله لكل جديد وهو ما يجعله قابلا للتطبيق
في كل زمان ومكان . والله أعلم.
نهاية دروس الدورة الأولى
دروس الدورة الثانية
المجزوءة الثانية: وحدة التربية التعبدية
الدرس الأول: القيم الروحية في الإسلام.
1- النصوص: الآيات 14 – 17 من سورة الأعلى + الآيات 2 – 4 من سورة الأنفال + حديث الولي.
أ- مدلولات الألفاظ والعبارات :
- قد أفلح من تزكى : أي فاز يرضى الله والجنة. من طهر نفسه بالإيمان والعمل الصالح .
- وذكر اسم ربه فصلى : أي حافظ على الصلاة في وقتها لوجه الله .
- توثرون : تقدمون وتفضلون .
- وجلت : فزعت وخافت .
- وليا : هو العالم بالله المؤمن التقي المخلص له سبحانه.
- النوافل : هي ماعدا الفرائض من التطوعات المختلفة .
- كنت سمعه الذي يسمع به : أي فلا يسمع إلا إلى ما يرضي الله .
- ترددي : قيل بمعنى عطفه على عبده ولطفه به وشفقته .......
ب- استخراج مضامين النصوص:
- تحقق الفلاح والفوز لمن زكى نفسه وطهرها وشغلها بطاعة الله .
- التزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة لفناء الأولى وبقاء الأخرى .
- زيادة الإيمان بالطاعات ونقصانه بالعصيان ......
-
ج- تحليل مناقشة عناصر الدرس :
1- مفهوم القيم الروحية في الإسلام :
خلق الله الإنسان من مادة وروح وقدر له سبيل العيش ليسير في هذه الحياة
وفق حكمته وإرادته وأمده بالتوجيهات اللازمة للعناية المتكاملة بالجانبين
المادي والروحي والتوازن بينها دون تغليب لجانب على أخر وبذلك يحصل الانسان
على غذاء متوازن لمكوناته المادية والروحية.والتوجيهات التي يتضمنها
الجانب الثاني هي ما يعبر عنه بالقيم الروحية.
والقيم :
هي ضوابط ومعايير تقوم بها تصورات الفرد وتصرفاته ، والقيم الروحية نسبة
إلى الروح بمعنى أنها تستند إلى عالم الغيب لا عالم الشهادة . فيه غذاؤها
واستقرارها ...
2- محل ( القيم الروحية ) من الإنسان : المخاطب في الإنسان بذلك هو باطنه المعبر عنه بالقلب والنفس وجوارح الجسد. فالقلب كما في قوله تعالى : (( ألا بذكر الله تطمئن القلوب وقوله t[ ألا وإن في الجسد مضغة أذا صلحت صلح الجسد كله وأذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب]
والنفس كما في قوله تعالى : (( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه... وقوله t[ إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفاسهم ما لم تعمل أو تتكلم].
3- أصول ومصدر القيم الروحية :
تستند إلى أسس مرجعية أصيلة وهي: القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة
باعتبارهما أساس الدين ومصدر التشريع ومنهاج حياة المسلمين في جميع شؤون
حياتهم. والسيرة النبوية العطرة التي تعد التطبيق العملي للقرآن،كما قالت
السيدة عائشةt حين سئلت أخلاق الرسول e كان خلقه القرآن.
4- مجالات التدرب عليها : العبادات
المختلفة الفرائض منها والنوافل ، لذلك أرشدنا الإسلام إلى تزكية النفس
قال تعالى : ( قد أفلح من زكاها ...). والمتمثل في القيم بأركان الإسلام
الخمسة كما في الحديث .إضافة إلى النوافل لتحصيل الحد الأعلى من الكمالات
النفسية والروحية .
5- تجلياتها في الواقع : وهي
متعددة بتعدد اهتمامات الإنسان وحاجاته عبر أخلاق شرعية شمولية منها :
التوبة والإخلاص والتوكل والصبر والشكر والرضا .....الخ. ولتحقيق ذلك لا بد
مما يلي :
- الاستحضار الدائم للآخرة والموت ،كما في الحديث ( أكثروا
من ذكرهاذم اللذات- الموت ) وعن إبن عمر (ض) قال [ أخذ رسول الله t بمنكبي
وقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل... ] .
- الموازنة بين مطالب الروح والجسد وعدم تغليب الجانب المادي.
- كثرة ذكر الله لطمأنة القلب وتحصيل سكينة النفس ....الخ.
6- خصائص القيم الروحية: تتميز القيم الروحية في الاسلام بخصائص ثلاث :
1- خصيصة الثبات: ومعناها أن القيم ثابتة لاتتغير بتغير الزمان والمكان وتبدل الظروف والأحوال ولكن قد تتغير وسائل تحقيقها .
2- خصيصة الاستمرار: ومعناها أن المسلم مطالب بتحري هذه القيم والتزامها في مختلف مناحي الحياة.
3-
خصيصة الشمول: ومعناها أن هذه القيم توجه سلوك الانسان في مختلف مجالات
الحياة حيث تشمل علاقته بربه وبنفسه وبأسرته وجيرانه وبالناس كلهم،
وبالبيئة المحيطة به،كما قال تعالى(قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب
العالمين). والله أعلم
المجزوءة الثانية: وحدة التربية التعبدية
الدرس الثاني: فقه الصلاة
- تحليل عناصر الدرس:
1- حقيقة الصلاة لغة وشرعا:
الصلاة لغة معناها الدعاء والاستغفار ، وهي مشتقة من الصلة لأنها تصل الإنسان بخالقه ..
وشرعا
: الصورة المعهودة من العبادة التي علمها الرسول e للمسلمين. فهي أقوال
وأفعال يقصد بها تعظيم الله مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم بشروط خاصة .
2- أهميتها في الإسلام:
للصلاة منزلة كبرى في الإسلام لا تعدلها أي عبادة أخرى فهي عماد الدين الذي لا يقوم إلا به
-
وهي أول عبادة فرضت ، وكان فرضها في السماء ليلة الإسراء والمعراج فكان
ذلك دليلا على عناية الله بها.فهي أفضل العبادات بعد الإيمان، وثاني أركان
الإسلام،ومن أخص صفات المومنين.
- وهي دعامة لكل الأديان لم تخل منها شريعة من الشرائع ، جاء الحث على أدائها على ألسنة جميع الأنبياء والرسل .
-
وأوصى الرسول t الآباء بأن يأمروا أولادهم بها إذا بلغوا سبع سنين وضربهم
عليها إذا بلغوا عشرا لتكوين عادة الصلاة عندهم فلا يصعب عليهم عند الكبر
تأديتها وحتى تصبح جزءا من تفكيرهم وسلوكهم .
- وجعلت محاطة بالإنسان في
كل الأزمنة والأحوال ليحقق صلته بخالقه سبحانه ، فمنها الفرائض لتحقيق
الحد الأدنى للصلة بالله، والنوافل لتحقيق الحد الأعلى ، ومنها الفردية
والجماعية ... ومنها المتعلقة بمناسبات معينة ....
- وهي لا تسقط عن المسلم بحال ، ما عادا في حالة فقدان العقل والمرأة الحائض والنفساء.
3- أثر الصلاة في حياة الفرد والجماعة :
أ- من الآثارالروحية الفردية :1- تحقيق أصل العبودية لله سبحانه التي جعلت غاية خلق للإنسان .
2- تحقيق الطاعة والقنوت لله رب العالمين بالمحافظة عليها .
3- تحقيق طهارة النفس وتزكيتها من المعاصي والذنوب .
4- تحقيق الخشوع لله الذي يعد من موجبات الفلاح .
5- تحقيق الصلة بالله وذكره في كل وقت وحين .
6- تحقيق محبة الله ورعايته كما في حديث الولي .(من عادى لي وليا فقد آذنته.....)
فالمومن
يفزع إلى الصلاة كلما حزبه أمر،فيجد فيها سلواه،ويذهب عنه ما تغشاه من
الهم والكرب.والإنسان المعاصر يتعرض في كل حين لألوان من الضغوط نظرا لتعقد
الحياة فهو أحوج ما يكون إلى الصلاة ليحس بالسكينة ويستعيد توازنه النفسي
والعقلي.
ب- من الآثار الاجتماعية :
لاتقتصر فوائد الصلاة على الأفراد بل تتعدى ذلك لتشمل الجانب الاجتماعي.
ومن خلال التزام المسلمين بالصلاة الجماعية التي رغب الإسلام فيها وضاعف
ثوابها يكتسبون مجموعة من القيم والآثار نذكر منها:
- تنمية الروح
الاجتماعية والإحساس بالمساواة، والانتماء إلى أمة واحدة،وتقوية الروابط
بين أفراد الأمة وتحقيق التعارف والتآلف بينهم. وتفقد أحوال بعضهم البعض.
والتشاور والتناصح فيما بينهم . والله أعلم
المجزوءة الثانية: وحدة التربية التعبدية
الدرس الثالث: فقه الصيام
- تحليل عناصر الدرس :
أ- حقيقة الصوم لغة وشرعا :
لغة : مطلق الإمساك ....
شرعا : الامتناع عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية التقرب إلى الله .
ب- فرضية الصوم وشروط صيامه :
الصوم
ركن من أركان الإسلام ، فرض في السنة الثانية للهجرة والدليل من القرآن
والسنة وإجماع المسلمين .وأرشدنا الرسول eإلى أحكام الصيام وآدابه،وحثنا
على الإخلاص فيه،والإكثار من الأعمال الصالحة ...فهو فرض عين على كل مسلم
بالغ عاقل مقيم صحيح البدن.
ج- الحكمة الأسمى من فرضية الصوم :
لقد
بنيت الآيات الكريمات أن الصوم عبادة فرضها الله في جميع الشرائع وأن
الحكمة الأسمى منها هو تحقيق تقوى وخشية الله سبحانه ومراقبته في السر
والعلانية .
vوالتقوى التي يحققها الصوم وينميها في الإنسان :
هي المراقبة الدائمة لله سبحانه والحذر من الوقوع فيما يغضبه ، والابتعاد
عن الانسياق وراء الشهوات والغرائز ..روى أن سيدنا عمرt سأل أبي بن كعب tعن
التقوى فقال له [أما سلكت طريقا ذا شوك؟قال بلى،قال:فما عملت؟ قال شمرت واجتهدت.قال:فذلك التقوى ]
vأما عن كيفية تنمية الصوم لتقوى الله عندا المسلم : فهو
أن الصوم يحدث تغييرا في نظام التغذية الذي اعتاده الإنسان طوال السنة مما
يجعله يعيد النظر فيما ألفه من سلوك ، وفيما يتفوه به من كلام أو يقوم به
من عمل بتعويض كل ذلك بطاعة الله. فالتقوى: هي التي تحرس هذه القلوب من
إفساد الصوم بالمعصية والصوم أداة من أدواتها وطريق موصل إليها ومن ثم
جعلها الله هدفا وضياء يتجهون إليه عن طريق الصيام .
vتنمية الصوم للإرادة والصبر عند المسلم : إن
إمساك الصائم نفسه عن شهواتها طاعة لله خلال شهر رمضان يمثل رياضة وتدريبا
لإرادته حتى يصبح متحكما في شهواته وغرائزه وتصبح تحت تصرفه فيوجهها نحو
عبادة ربه ، إضافة إلى ذلك يتدرب على الصبر من خلال قدرته على إشباع شهواته
ولكنه يمتنع عن ذلك ابتغاء رضى الله سبحانه ، فالصوم سر وعمل باطن لا يراه
الخلق ولا يدخله الرياء وفيه قهر لعدو الله إبليس لأن وسيلته الشهوات
وبتركها تضيق عليه المسالك .
د- الآثار التربوية والاجتماعية والاقتصادية والصحية للصوم :
1- من الآثار التربوية : الصوم مدرسة تربوية للسمو بالنفس وكبح شهواتها ورغباتها وتربية الإرادة والعزيمة ففيه:
- تحقيق تقوى الله وتنميتها كما في الآية { لعلكم تتقون } وفي الحديث { الصوم جنة }
- التربية على مراقبة الله تعالى.
- التربية على الصبر والتحمل كما في الحديث { الصيام نصف الصبر }
- والتربية على الاستعلاء على ضرورات الجسد كلها واحتمال ضغطها وثقلها إيثارا لما عند الله من النعيم والجنة .
- التخلص من العادات السيئة المكتسبة وإعطاء الصائم مناعة ضدها وعدم العودة إليها......الخ.
2- من الآثار الاجتماعية : وللصوم أبعاد اجتماعية كثيرة نذكر منها:
-
تحقيق المساواة بين مختلف فئات المجتمع بالإمساك عن جميع الشهوات فيتقاسم
الغني والفقير الاحساس بالجوع والعطش،ولعل هذا يزرع في نفوس الأغنياء
الشعور بآلام الفقراء المحرومين.
- تقوية الروابط الأسرية في مثل هذه المناسبات وتوطيد العلاقات بين الجيران من خلال الزيارات وتبادل التهاني...
- تقوية التكافل الاجتماعي ، والشعور بالوحدة والتضامن بإفطار المحتاجين وإكرامهم.. ....
3- من الآثار الاقتصادية :
- التخفيف من نفقات البيت بسبب تخفيض وجبات الأكل اليومية.
- الرفع من المردودية من خلال العمل المستمر والمتواصل طيلة اليوم.
- توفير مبالغ مهمة لخزينة الدولة المتعلقة بنفقات التطبيب. لوقاية الصوم من انتشار كثير من الأمراض وعلاجه لأخرى .
- يعين على تنظيم الوقت بشكل مختلف عن بقية أيام السنة .
4- من الآثار الصحية :
في الحديث الصحيح يقول الرسول t{ الصوم جنة }أي
وقاية من الأمراض الحسية والمعنوية ، فمما لاشك فيه أن للصوم آثارا
إيجابية كثيرة على صحة المسلم وكل يوم نسمع عن الجديد والمزيد في هذا
المجال فمنها :
- تخلص الجسد من النفايات السامة التي تتجمع في أمعائه - وتقوية أجهزة التفريغ - وتحسين وظيفة الهضم ...
- علاج مرض السمنة ...- وتقوية الإدراك وفتح الذهن .
- المحافظة على طاقة الجسد وترشيد توزيعها حسب متطلبات الجسد..........الخ
* فائدة : في ربط الله سبحانه صيام شهر رمضان بالشهر القمري :
أن يتدرب الصائم على أداء هذه العبادة في جميع فصول السنة حين يقصر النهار وحين يطول في الحر وفي البرد
فيكتسب فضيلة الصبر وتحمل المشاق في سبيل الله سبحانه وتعالى. والله أعلم