تعريفـــه
الزلازل من بين أعظم القوى الهائلة المدمرة في الطبيعة. فإلى اليمين شخص يدعو الله أن يخفف من الدمار الذي سببه زلزال عام 1990م في إيران. وإلى اليسار يرى مجرى جدول قد غير اتجاهه بسبب زحزحة الصخور على طول امتداد صدع سان أندرياس ـ بكاليفورنيا في الولايات المتحدة. وبمقدور مثل هذه الزحزحة أن تحدث زلزالاً مدمِّرًا.
الزلزال اهتزاز الأرض بسبب انكسار وزحزحة مفاجئة لقطاعات عريضة من قشرة الأرض الصخرية الخارجية. وهو من أعظم الأحداث ذات القوة الهائلة التي تُصيب الأرض ولها نتائج مرعبة. قد يطلق زلزال عنيف كميات من الطاقة تعادل مائة ألف مرة قدر ما أطلقته القنبلة الذرية الأولى. وقد تؤدي حركات الصخور أثناء الزلزال إلى تغيير مجاري الأنهار. كما يمكن أن يؤدي الزلزال إلى حدوث انزلاقات أرضية تؤدي بدورها إلى خراب كبير وفقدان أرواح. وتسبب الزلازل الكبيرة التي تقع تحت مياه المحيط نشوء سلاسل من أمواج بحرية عظيمة مدمرة، تسمى الأمواج السَّنامية تغرق السواحل.
لا تقتل الزلازل الناس غالبًا مباشرة، بل إن كثيرًا من الوفيات والإصابات أثناء الزلازل تنتج عن سقوط الأجسام وعن انهيارات المباني والجسور والمنشآت الأخرى. ويعتبر اشتعال النيران من جراء تحطم خطوط الغاز أو الكهرباء خطرًا رئيسًيا آخر يحدث أثناء الزلزال. كما يعتبر تناثر المواد الكيميائية الخطرة أثناء الزلازل أمرًا بالغ الخطورة. يقوم مخططو الأراضي والمهندسون في معظم أماكن المناطق الزلزالية، بتصميم مشاريع إسكان جديدة ومشاريع إعْمار مثل إقامة الجسور والسدود بهدف الإقلال من تدمير الممتلكات والإصابات وفقدان الأرواح عند وقوع الزلازل.
تتوقف قوة الزلازل على مقدار تكسر الصخور، وعلى مقدار زحزحتها، وبمقدور الزلازل القوية هز الأرض الصلبة بعنف إلى مسافات شاسعة. وخلال الزلازل الصغيرة فإن اهتزاز الأرض قد لا يتعدى الاهتزاز الذي يسببه مرور شاحنة كبيرة.
يقع في العموم زلزال قوي أقل من مرة واحدة كل سنتين. ويقع على الأقل كل عام حوالي أربعين زلزالاً متوسط القوة يحدث دمارًا في أماكن من العالم. كما يقع كل عام نحو من أربعين إلى خمسين ألف زلزال صغير يمكن الإحساس بحدوثها دون أن تؤدي إلى دمار.
كيف يبدأ الزلزال
تقع معظم الزلازل على طول امتداد الصدوع. والصدع كسْر يحدث في صخور قشرة الأرض الخارجية، يحدث حينما تنزلق قطاعات صخرية الواحدة عبر الأخرى بصورة متكررة. وتكون الصدوع في مناطق ضعف صخور الأرض، ومعظمها تحت سطح الأرض، لكن بعض الصدوع مثل صدع سان أندرياس في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية يشاهد فوق سطح الأرض. وتؤدي الإجهادات المطبقة على الأرض إلى التواء كتل كبيرة من الصخر على طول امتداد الصدع. وعندما يبلغ التواء الصخر حده الأقصى، فإن الصخر يتكسر وينهار متجزئًا إلى وضع جديد، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى اهتزاز زلزالي.
تبدأ الزلازل عادة عميقة تحت سطح الأرض. وتسمّى النقطة في داخل الأرض التي تنكسر الصخور عندها أولاً البؤرة أو المركز، كما تسمى أيضًا المركز الباطني للزلزال أو بؤرة الزلزال العميقة. تقع بؤرة معظم الزلازل على عمق أقل من 70كم تحت سطح الأرض وذلك بالرغم من أن أعمق البؤرات المعروفة تكون عند عمق 700 كم تحت سطح الأرض. وتسمى النقطة المقابلة من سطح الأرض، التي تقع مباشرة فوق بؤرة الزلزال بؤرة الزلزال السطحية أو مركز الزلزال السطحي. ويحس الناس عادة بالاهتزاز الأكبر للأرض بالقرب من بؤرة الزلزال السطحية.
ينتشر الكسر في الصخر من بؤرة الزلزال على هيئة شق يمتد على طول الصدع. وتتوقف سرعة انتشار الكسر على طبيعة الصخر وقد تبلغ حوالي ثلاثة كيلومترات في الثانية في صخر الجرانيت أو أي صخر آخر قوي. وبهذا المعدل للسرعة فإن كسرًا قد يمتد إلى ما يزيد على 560كم في اتجاه واحد في أقل من ثلاث دقائق. ولدى امتداد الكسر على طول الصدع، فقد تسقط كتل من الصخر على أحد جانبي الصدع وتهبط تحت الصخر على الجانب الآخر من الصدع، أو أنها تتحرك صاعدة فوقها أو أنها تنزلق متقدمة عليها.
كيف ينتشر الزلزال
عندما يقع زلزال ما، فإن انكسار الصخور بعنف يطلق كميات من الطاقة تنتقل خلال الأرض على هيئة اهتزازات تسمى موجات زلزالية (سيزمية). تنطلق الموجات السيزمية من بؤرة الزلزال في كل الاتجاهات، ولدى انطلاقها فإنها تضعف تدريجيًا ولهذا فإن الأرض تهتز بصورة أقل كلما ابتعدت عن مركز الزلزال.
هناك نوعان رئيسان من الموجات السيزمية: 1- موجــات باطنيــة 2- موجات سطحية. تنتقل الموجات الباطنية وهي الموجات الأسرع خلال باطن الأرض بينما تنتقل الموجات السطحية وهي الأبطأ عبر سطح الأرض.
الموجات الباطنيَّة تكاد تكون سببًا في حدوث معظم الدمار الزلزالي. وهناك نوعان من الموجات الباطنية: 1- موجات تضاغطية 2- موجات قص. حينما تنتقل الموجات خلال الأرض فإنها تؤدي إلى تحرك جُسيمات الصخر بطرق مختلفة. فتدفع الموجات التضاغطية الصخر وتسحبه. وتؤدي إلى انكماش وتمدد المباني والأبنية الأخرى. وتلوي موجات القص الصخر أو تجعله ينزلق من جانب إلى آخر كما أنها تهز المباني. فتنتقل الموجات التضاغطية خلال الجوامد والسوائل والغازات، أما موجات القص فإنها تنتقل خلال الجوامد فقط.
تعتبر الموجات التضاغطية موجات سيزمية أكثر سرعة وهي الأسبق في الوصول إلى نقطة بعيدة، ولهذا فإنها تسمى أيضًا الموجات الأولية، أما موجات القص فتنتقل ببطء وتصل متأخرة ولهذا فهي تسمى الموجات الثانوية.
تنتقل الموجات الباطنية في أعماق الأرض بسرعة أكبر من سرعتها بالقرب من سطح الأرض. فمثلا تنتقل الموجات التضاغطية عند أعماق تقل عن 25كم بسرعة 68كم/ثانية. بينما تنتقل الموجات القصيّة بسرعة 38 كم/ثانية. تنتقل الموجات عند عمق 1000كم بسرعة تعادل ضعفًا ونصف الضِّعف من سرعتها العادية.
الموجات السَّطحيَّة. موجات طويلة بطيئة مسؤولة عمــا يحس به الناس من اهتزاز صخري بطيء. وهي لا تسبب دمارًا وإنَّما تسبب خرابًا طفيفًا. وهناك نوعان من الموجات السطحية: 1- موجات لف السطحية 2- موجات رايلي السطحية. تنتقل موجات لف بصورة أفقية خلال سطح الأرض وتحرك الأرض من جانب لآخر. أما موجات رايلي فإنها تجعل سطح الأرض يموج كأمواج المحيط. تنتقل موجات لف المثالية بسرعة 44كم/ثانية، وتنتقل موجات رايلي الأبطأ بسرعة 37كم/ثانية. وقد سمي هذان النمطان من الموجات باسم اثنين من الفيزيائيين البريطانيين هما أوغسطس لف ولورد رايلي اللذان توقعا وجود هذه الموجات بطريقة رياضية وذلك عامي 1885م، 1911م على التوالي.
أسباب ونتائج الزلازل
قد تدمر الزلازل المباني والجسور والسدود والأبنية الأرضية كما أنها قد تدمر العديد من المظاهر الطبيعية. يحدث بالقرب من صدع ما، عملية إزاحة وزحزحة كتل صخرية كبيرة من قشرة الأرض والمسماة الانزلاق الصدعي وكذلك عملية اهتزاز الأرض بسبب الموجات السيزمية تسببان الدمار والانهيارات. أما بعيدًا عن الصدع فإن اهتزاز الأرض يكون سببًا في معظم الدمار الحاصل. قد تتسبب الزلازل التي تقع تحت مياه البحر في نشوء أمواج بحرية زلزالية تطغى فوق المناطق الساحلية. وتشمل مخاطر الزلازل الأخرى مثل الانهيارات الصخرية وانخساف الأرض واقتلاع الأشجار.
الانزلاق الصدعي. قد تُزحزح الصخور على جانبي الصدع بلطف أثناء الزلزال أي أنها تتحرك لعدة أمتار. وفي بعض الحالات فإن الصخور الموجودة في عمق الأرض هي التي تُزحزح فقط ولا تحدث أية حركة للصخور الموجودة عند سطح الأرض. قد ترتفع الأرض فجأة لعلو ستة أمتار أو أكثر في زلزال كبير جدًا. قد يُلْوي كل تركيب أرضي مزامن للصدع أو أنه يتخلع بقوة إلى أجزاء. وقد تؤدي الكتل الأرضية المُزحزحة أو المزاحة من أماكنها إلى تفكك التربة والصخور على امتداد منحدر ما، الأمر الذي يسبب انزلاقات أرضية. هذا بالإضافة إلى أن الانزلاق الصدعي قد يؤدي إلى تحطم ضفاف الأنهار والبحيرات والأجسام المائية الأخرى مسببًا فيضانات.
اهتزاز الأرض. يؤدي إلى ترنح الأبنية الأرضية من جانب لآخر كما يؤدي إلى ارتفاعها وانخفاضها فجأة وكذلك إلى تحركها بعنف. وقد تنزلق المباني من فوق قواعدها وتنهار أو تهتز وتتشقق.
قد تؤدي عملية تسمى الإسالة إلى زيادة قوة التدمير الزلزالي وذلك في المناطق ذات التربة الناعمة الرطبة. وتحدث عملية الإسالة حينما تسلك التربة بسبب اهتزاز الأرض سلوكًا مؤقتًا كجسم سائل أكثر من سلوكها كجسم صلب. وهكذا يمكن أن يغوص كل جسم فوق التربة السائلة في داخل الأرض الطرية الرطبة. كما قد تطفح التربة المميعة وتسيل باتجاه المناطق المنخفضة طامرة كل ما يعترض مسارها.
الأمواج السنامية. تعطي زلزلة قاع المحيط دفعًا هائلاً لمياه البحر المجاورة لها. وهذه الأخيرة تبني واحدة أو أكثر من الأمواج الكبيرة المدمرة تسمى أمواجًا بحرية سنامية. وتعرف أيضًا باسم الموجات السيزمية البحرية كما يسميها بعض الناس الأمواج المدِّية، ويعتبر العلماء هذه التسمية الأخيرة غير صحيحة لأن هذه الأمواج لا تنتج عن ظاهرة المدِّ والجزر. قد يبلغ ارتفاع الأمواج البحرية السنامية أكثر من ثلاثين مترًا وذلك عندما تصل إلى المياه الضحلة قرب الشاطئ. تتحرك الأمواج البحرية السنامية في المحيط المفتوح بسرعات تبلغ 800-970كم/س. وهي تستطيع الانتقال إلى مسافات بعيدة دون أن ينقص من حجمها إلا القليل. وهي تفيض فوق المناطق الساحلية على بعد آلاف الكيلومترات من مصدر هذه الأمواج.
مخاطر التراكيب الأرضية. تنهار الأبنية الأرضية أثناء الزلزلة وذلك إن كانت ضعيفة جدًا، أو كانت صلبة إلى درجة لا تستطيع معها الثبات والصمود أمام القوى الكبيرة المطبقة على الصخور. وبالإضافة لهذه فقد تهتز المباني فوق مساحات واسعة وتتتصادم ببعضها بعضًا.
تعتبر النار سببًا رئيسيًا في الوفيات وتدمير الممتلكات أثناء الزلازل. وقد تنشب النيران إذا ما دمر الزلزال خطوط الغاز والكهرباء.
يعتبر زلزال سان فرانسيسكو عام 1906م واحدًا من أسوأ الكوارث في تاريخ الولايات المتحدة وذلك بسبب النيران التي اتقدت بقوة لمدة ثلاثة أيام بعد وقوع الزلزال.
تشمل المخاطر الأخرى أثناء الزلزال اندلاق مواد كيميائية سامة وسقوط أجسام كفروع الأشجار وطوب وزجاج المباني. كما قد تتحطم خطوط الصرف الصحي وينساب ماء المجاري إلى مصادر مياه الشرب العذبة. وقد يسبب شرب مثل هذا الماء غير النقي الكوليرا والتيفوئيد والدوسنتاريا وأمراضًا خطيرة أخرى.
تعطل وتوقف القدرة الكهربائية ووسائل الاتصال وعمليات الانتقال والنقل الحاصلة بعد وقوع الزلزال تعيق عمل فرق الإنقاذ وسيارات الإسعاف، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من الوفيات والإصابات. ثم إن مكاتب الأعمال والمكاتب الحكومية قد تفقد سجلاتها ومواردها، الأمر الذي يبطئ عمليات الانتعاش والإغاثة بعد الكارثة.
معرفة أين تبني وكيف تبني، في المناطق المعرضة لوقوع الزلازل تساعد في تقليل عدد الوفيات ودمار الممتلكات عند وقوع الزلزال وكذلك فإن إدراكك لما تفعل عند وقوع زلزال يساعد أيضًا في منع الإصابات والوفيات.
أين تبني. يحاول العلماء تعريف وتحديد المناطق التي يحتمل أن تعاني من دمار كبير لدى وقوع الزلزال. وهم ينشئون ويطورون خرائط تُوضح أماكن الصدوع ومسطحات الفيضان (المناطق التي سبق أن تعرضت للفيضان) والمناطق المعرضة لانزلاقات أرضية أو تميع للتربة. وكذلك فإن العلماء يحددون المواقع من الأرض التي تعرضت لزلازل سابقة. حدد مخططو استعمالات الأراضي بالاعتماد على هذه الخرائط مناطق من الأرض اعتبرت غير آمنة، الأمر الذي ساعد في التحذير من إنشاء وإقامة أبنية غير آمنة في هذه المناطق المعرضة لضرب الزلازل.
كيف تبني. طور المهندسون عدة طرق لبناء أبنية مقاومة للزلازل، وتتراوح تقنياتهم من البساطة المتناهية إلى التعقيد لحد ما. تشمل تقنية استخدام الأسمنت المسلح في المباني الصغيرة والمتوسطة الحجم تثبيت المباني إلى قواعدها بالقضبان المعدنية وتزويدها بجدران داعمة تسمى جدران قص. تساعد جدران القص المشيدة من الإسمنت المسلح (إسمنت متضمنًا قضبان معدنية) في تقوية البناء وفي الصمود أمام القوى المطبقة على الصخر تُشكِّل إقامة جدران قص في وسط مبنى حول نفق مصعد أو بئر سلم يسمى عمود القص المركزي. ويمكن تسليح الجدران بدعائم فولاذية مائلة في تقنية تسمى التدعيم المتقاطع.
الزلازل من بين أعظم القوى الهائلة المدمرة في الطبيعة. فإلى اليمين شخص يدعو الله أن يخفف من الدمار الذي سببه زلزال عام 1990م في إيران. وإلى اليسار يرى مجرى جدول قد غير اتجاهه بسبب زحزحة الصخور على طول امتداد صدع سان أندرياس ـ بكاليفورنيا في الولايات المتحدة. وبمقدور مثل هذه الزحزحة أن تحدث زلزالاً مدمِّرًا.
الزلزال اهتزاز الأرض بسبب انكسار وزحزحة مفاجئة لقطاعات عريضة من قشرة الأرض الصخرية الخارجية. وهو من أعظم الأحداث ذات القوة الهائلة التي تُصيب الأرض ولها نتائج مرعبة. قد يطلق زلزال عنيف كميات من الطاقة تعادل مائة ألف مرة قدر ما أطلقته القنبلة الذرية الأولى. وقد تؤدي حركات الصخور أثناء الزلزال إلى تغيير مجاري الأنهار. كما يمكن أن يؤدي الزلزال إلى حدوث انزلاقات أرضية تؤدي بدورها إلى خراب كبير وفقدان أرواح. وتسبب الزلازل الكبيرة التي تقع تحت مياه المحيط نشوء سلاسل من أمواج بحرية عظيمة مدمرة، تسمى الأمواج السَّنامية تغرق السواحل.
لا تقتل الزلازل الناس غالبًا مباشرة، بل إن كثيرًا من الوفيات والإصابات أثناء الزلازل تنتج عن سقوط الأجسام وعن انهيارات المباني والجسور والمنشآت الأخرى. ويعتبر اشتعال النيران من جراء تحطم خطوط الغاز أو الكهرباء خطرًا رئيسًيا آخر يحدث أثناء الزلزال. كما يعتبر تناثر المواد الكيميائية الخطرة أثناء الزلازل أمرًا بالغ الخطورة. يقوم مخططو الأراضي والمهندسون في معظم أماكن المناطق الزلزالية، بتصميم مشاريع إسكان جديدة ومشاريع إعْمار مثل إقامة الجسور والسدود بهدف الإقلال من تدمير الممتلكات والإصابات وفقدان الأرواح عند وقوع الزلازل.
تتوقف قوة الزلازل على مقدار تكسر الصخور، وعلى مقدار زحزحتها، وبمقدور الزلازل القوية هز الأرض الصلبة بعنف إلى مسافات شاسعة. وخلال الزلازل الصغيرة فإن اهتزاز الأرض قد لا يتعدى الاهتزاز الذي يسببه مرور شاحنة كبيرة.
يقع في العموم زلزال قوي أقل من مرة واحدة كل سنتين. ويقع على الأقل كل عام حوالي أربعين زلزالاً متوسط القوة يحدث دمارًا في أماكن من العالم. كما يقع كل عام نحو من أربعين إلى خمسين ألف زلزال صغير يمكن الإحساس بحدوثها دون أن تؤدي إلى دمار.
كيف يبدأ الزلزال
تقع معظم الزلازل على طول امتداد الصدوع. والصدع كسْر يحدث في صخور قشرة الأرض الخارجية، يحدث حينما تنزلق قطاعات صخرية الواحدة عبر الأخرى بصورة متكررة. وتكون الصدوع في مناطق ضعف صخور الأرض، ومعظمها تحت سطح الأرض، لكن بعض الصدوع مثل صدع سان أندرياس في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية يشاهد فوق سطح الأرض. وتؤدي الإجهادات المطبقة على الأرض إلى التواء كتل كبيرة من الصخر على طول امتداد الصدع. وعندما يبلغ التواء الصخر حده الأقصى، فإن الصخر يتكسر وينهار متجزئًا إلى وضع جديد، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى اهتزاز زلزالي.
تبدأ الزلازل عادة عميقة تحت سطح الأرض. وتسمّى النقطة في داخل الأرض التي تنكسر الصخور عندها أولاً البؤرة أو المركز، كما تسمى أيضًا المركز الباطني للزلزال أو بؤرة الزلزال العميقة. تقع بؤرة معظم الزلازل على عمق أقل من 70كم تحت سطح الأرض وذلك بالرغم من أن أعمق البؤرات المعروفة تكون عند عمق 700 كم تحت سطح الأرض. وتسمى النقطة المقابلة من سطح الأرض، التي تقع مباشرة فوق بؤرة الزلزال بؤرة الزلزال السطحية أو مركز الزلزال السطحي. ويحس الناس عادة بالاهتزاز الأكبر للأرض بالقرب من بؤرة الزلزال السطحية.
ينتشر الكسر في الصخر من بؤرة الزلزال على هيئة شق يمتد على طول الصدع. وتتوقف سرعة انتشار الكسر على طبيعة الصخر وقد تبلغ حوالي ثلاثة كيلومترات في الثانية في صخر الجرانيت أو أي صخر آخر قوي. وبهذا المعدل للسرعة فإن كسرًا قد يمتد إلى ما يزيد على 560كم في اتجاه واحد في أقل من ثلاث دقائق. ولدى امتداد الكسر على طول الصدع، فقد تسقط كتل من الصخر على أحد جانبي الصدع وتهبط تحت الصخر على الجانب الآخر من الصدع، أو أنها تتحرك صاعدة فوقها أو أنها تنزلق متقدمة عليها.
كيف ينتشر الزلزال
عندما يقع زلزال ما، فإن انكسار الصخور بعنف يطلق كميات من الطاقة تنتقل خلال الأرض على هيئة اهتزازات تسمى موجات زلزالية (سيزمية). تنطلق الموجات السيزمية من بؤرة الزلزال في كل الاتجاهات، ولدى انطلاقها فإنها تضعف تدريجيًا ولهذا فإن الأرض تهتز بصورة أقل كلما ابتعدت عن مركز الزلزال.
هناك نوعان رئيسان من الموجات السيزمية: 1- موجــات باطنيــة 2- موجات سطحية. تنتقل الموجات الباطنية وهي الموجات الأسرع خلال باطن الأرض بينما تنتقل الموجات السطحية وهي الأبطأ عبر سطح الأرض.
الموجات الباطنيَّة تكاد تكون سببًا في حدوث معظم الدمار الزلزالي. وهناك نوعان من الموجات الباطنية: 1- موجات تضاغطية 2- موجات قص. حينما تنتقل الموجات خلال الأرض فإنها تؤدي إلى تحرك جُسيمات الصخر بطرق مختلفة. فتدفع الموجات التضاغطية الصخر وتسحبه. وتؤدي إلى انكماش وتمدد المباني والأبنية الأخرى. وتلوي موجات القص الصخر أو تجعله ينزلق من جانب إلى آخر كما أنها تهز المباني. فتنتقل الموجات التضاغطية خلال الجوامد والسوائل والغازات، أما موجات القص فإنها تنتقل خلال الجوامد فقط.
تعتبر الموجات التضاغطية موجات سيزمية أكثر سرعة وهي الأسبق في الوصول إلى نقطة بعيدة، ولهذا فإنها تسمى أيضًا الموجات الأولية، أما موجات القص فتنتقل ببطء وتصل متأخرة ولهذا فهي تسمى الموجات الثانوية.
تنتقل الموجات الباطنية في أعماق الأرض بسرعة أكبر من سرعتها بالقرب من سطح الأرض. فمثلا تنتقل الموجات التضاغطية عند أعماق تقل عن 25كم بسرعة 68كم/ثانية. بينما تنتقل الموجات القصيّة بسرعة 38 كم/ثانية. تنتقل الموجات عند عمق 1000كم بسرعة تعادل ضعفًا ونصف الضِّعف من سرعتها العادية.
الموجات السَّطحيَّة. موجات طويلة بطيئة مسؤولة عمــا يحس به الناس من اهتزاز صخري بطيء. وهي لا تسبب دمارًا وإنَّما تسبب خرابًا طفيفًا. وهناك نوعان من الموجات السطحية: 1- موجات لف السطحية 2- موجات رايلي السطحية. تنتقل موجات لف بصورة أفقية خلال سطح الأرض وتحرك الأرض من جانب لآخر. أما موجات رايلي فإنها تجعل سطح الأرض يموج كأمواج المحيط. تنتقل موجات لف المثالية بسرعة 44كم/ثانية، وتنتقل موجات رايلي الأبطأ بسرعة 37كم/ثانية. وقد سمي هذان النمطان من الموجات باسم اثنين من الفيزيائيين البريطانيين هما أوغسطس لف ولورد رايلي اللذان توقعا وجود هذه الموجات بطريقة رياضية وذلك عامي 1885م، 1911م على التوالي.
أسباب ونتائج الزلازل
قد تدمر الزلازل المباني والجسور والسدود والأبنية الأرضية كما أنها قد تدمر العديد من المظاهر الطبيعية. يحدث بالقرب من صدع ما، عملية إزاحة وزحزحة كتل صخرية كبيرة من قشرة الأرض والمسماة الانزلاق الصدعي وكذلك عملية اهتزاز الأرض بسبب الموجات السيزمية تسببان الدمار والانهيارات. أما بعيدًا عن الصدع فإن اهتزاز الأرض يكون سببًا في معظم الدمار الحاصل. قد تتسبب الزلازل التي تقع تحت مياه البحر في نشوء أمواج بحرية زلزالية تطغى فوق المناطق الساحلية. وتشمل مخاطر الزلازل الأخرى مثل الانهيارات الصخرية وانخساف الأرض واقتلاع الأشجار.
الانزلاق الصدعي. قد تُزحزح الصخور على جانبي الصدع بلطف أثناء الزلزال أي أنها تتحرك لعدة أمتار. وفي بعض الحالات فإن الصخور الموجودة في عمق الأرض هي التي تُزحزح فقط ولا تحدث أية حركة للصخور الموجودة عند سطح الأرض. قد ترتفع الأرض فجأة لعلو ستة أمتار أو أكثر في زلزال كبير جدًا. قد يُلْوي كل تركيب أرضي مزامن للصدع أو أنه يتخلع بقوة إلى أجزاء. وقد تؤدي الكتل الأرضية المُزحزحة أو المزاحة من أماكنها إلى تفكك التربة والصخور على امتداد منحدر ما، الأمر الذي يسبب انزلاقات أرضية. هذا بالإضافة إلى أن الانزلاق الصدعي قد يؤدي إلى تحطم ضفاف الأنهار والبحيرات والأجسام المائية الأخرى مسببًا فيضانات.
اهتزاز الأرض. يؤدي إلى ترنح الأبنية الأرضية من جانب لآخر كما يؤدي إلى ارتفاعها وانخفاضها فجأة وكذلك إلى تحركها بعنف. وقد تنزلق المباني من فوق قواعدها وتنهار أو تهتز وتتشقق.
قد تؤدي عملية تسمى الإسالة إلى زيادة قوة التدمير الزلزالي وذلك في المناطق ذات التربة الناعمة الرطبة. وتحدث عملية الإسالة حينما تسلك التربة بسبب اهتزاز الأرض سلوكًا مؤقتًا كجسم سائل أكثر من سلوكها كجسم صلب. وهكذا يمكن أن يغوص كل جسم فوق التربة السائلة في داخل الأرض الطرية الرطبة. كما قد تطفح التربة المميعة وتسيل باتجاه المناطق المنخفضة طامرة كل ما يعترض مسارها.
الأمواج السنامية. تعطي زلزلة قاع المحيط دفعًا هائلاً لمياه البحر المجاورة لها. وهذه الأخيرة تبني واحدة أو أكثر من الأمواج الكبيرة المدمرة تسمى أمواجًا بحرية سنامية. وتعرف أيضًا باسم الموجات السيزمية البحرية كما يسميها بعض الناس الأمواج المدِّية، ويعتبر العلماء هذه التسمية الأخيرة غير صحيحة لأن هذه الأمواج لا تنتج عن ظاهرة المدِّ والجزر. قد يبلغ ارتفاع الأمواج البحرية السنامية أكثر من ثلاثين مترًا وذلك عندما تصل إلى المياه الضحلة قرب الشاطئ. تتحرك الأمواج البحرية السنامية في المحيط المفتوح بسرعات تبلغ 800-970كم/س. وهي تستطيع الانتقال إلى مسافات بعيدة دون أن ينقص من حجمها إلا القليل. وهي تفيض فوق المناطق الساحلية على بعد آلاف الكيلومترات من مصدر هذه الأمواج.
مخاطر التراكيب الأرضية. تنهار الأبنية الأرضية أثناء الزلزلة وذلك إن كانت ضعيفة جدًا، أو كانت صلبة إلى درجة لا تستطيع معها الثبات والصمود أمام القوى الكبيرة المطبقة على الصخور. وبالإضافة لهذه فقد تهتز المباني فوق مساحات واسعة وتتتصادم ببعضها بعضًا.
تعتبر النار سببًا رئيسيًا في الوفيات وتدمير الممتلكات أثناء الزلازل. وقد تنشب النيران إذا ما دمر الزلزال خطوط الغاز والكهرباء.
يعتبر زلزال سان فرانسيسكو عام 1906م واحدًا من أسوأ الكوارث في تاريخ الولايات المتحدة وذلك بسبب النيران التي اتقدت بقوة لمدة ثلاثة أيام بعد وقوع الزلزال.
تشمل المخاطر الأخرى أثناء الزلزال اندلاق مواد كيميائية سامة وسقوط أجسام كفروع الأشجار وطوب وزجاج المباني. كما قد تتحطم خطوط الصرف الصحي وينساب ماء المجاري إلى مصادر مياه الشرب العذبة. وقد يسبب شرب مثل هذا الماء غير النقي الكوليرا والتيفوئيد والدوسنتاريا وأمراضًا خطيرة أخرى.
تعطل وتوقف القدرة الكهربائية ووسائل الاتصال وعمليات الانتقال والنقل الحاصلة بعد وقوع الزلزال تعيق عمل فرق الإنقاذ وسيارات الإسعاف، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من الوفيات والإصابات. ثم إن مكاتب الأعمال والمكاتب الحكومية قد تفقد سجلاتها ومواردها، الأمر الذي يبطئ عمليات الانتعاش والإغاثة بعد الكارثة.
معرفة أين تبني وكيف تبني، في المناطق المعرضة لوقوع الزلازل تساعد في تقليل عدد الوفيات ودمار الممتلكات عند وقوع الزلزال وكذلك فإن إدراكك لما تفعل عند وقوع زلزال يساعد أيضًا في منع الإصابات والوفيات.
أين تبني. يحاول العلماء تعريف وتحديد المناطق التي يحتمل أن تعاني من دمار كبير لدى وقوع الزلزال. وهم ينشئون ويطورون خرائط تُوضح أماكن الصدوع ومسطحات الفيضان (المناطق التي سبق أن تعرضت للفيضان) والمناطق المعرضة لانزلاقات أرضية أو تميع للتربة. وكذلك فإن العلماء يحددون المواقع من الأرض التي تعرضت لزلازل سابقة. حدد مخططو استعمالات الأراضي بالاعتماد على هذه الخرائط مناطق من الأرض اعتبرت غير آمنة، الأمر الذي ساعد في التحذير من إنشاء وإقامة أبنية غير آمنة في هذه المناطق المعرضة لضرب الزلازل.
كيف تبني. طور المهندسون عدة طرق لبناء أبنية مقاومة للزلازل، وتتراوح تقنياتهم من البساطة المتناهية إلى التعقيد لحد ما. تشمل تقنية استخدام الأسمنت المسلح في المباني الصغيرة والمتوسطة الحجم تثبيت المباني إلى قواعدها بالقضبان المعدنية وتزويدها بجدران داعمة تسمى جدران قص. تساعد جدران القص المشيدة من الإسمنت المسلح (إسمنت متضمنًا قضبان معدنية) في تقوية البناء وفي الصمود أمام القوى المطبقة على الصخر تُشكِّل إقامة جدران قص في وسط مبنى حول نفق مصعد أو بئر سلم يسمى عمود القص المركزي. ويمكن تسليح الجدران بدعائم فولاذية مائلة في تقنية تسمى التدعيم المتقاطع.